التنوع الإنساني في المدن المتجدِّده
مجلس خاص لمخططي الأحياء والمجتمع في القدس (مغلق أمام الجمهور)
(21-10-2015)
عريف الجلسة : عوفر غريدينغر, مدير قسم التخطيط المدني في القدس, بلدية القدس.
المتحدثون:
• د. أميلي سيلبرمان, مديرة العيادة الحضرية ومُحاضِره في قسم الجغرافيا, الجامعة العبرية.
• عناية بنا- جرايس, مهندسة عمارة البيئة, المركز العربي للتخطيط البديل.
عوفر: صباح الخير. نحن موجودون في مؤتمر مدينة الغد. هنالك علاقة بين ما يدور في هذه الأيام وبين ما سنناقشه في هذا الصباح, ترتبط هذه العلاقة أيضا بالأحداث القادمة, يتم عقد هذا المؤتمر للمرة الثالثة.
الفكرة من هذا المجلس هي عقد جلسة تعليمية مغلقة تتعلق بمواضيع المؤتمر وبالمتواجدين به. كيف ينفذ من يعمل بالتخطيط بعمله, كيف يفكر, ما هو أسلوب عملة وتطوره في المدن المختلطة التي تتكون من مجموعات سكانية متنوعة. لا يرتبط هذا بالأحداث التي تدور في هذه الأيام فقط, بل أنه يرتبط في القدس بمجموعات اليهود المتشددين دينياً وبالمتدينين القوميين وبالأحياء التي يملأها التوتر بين مجموعاتها السكانية وفي الأحياء الخاصة بمجموعه سكانية محددة وغيرها.
تعمل د. أميلي سيلبرمان مع بلدية القدس منذ فترة طويلة, هي تعمل أيضا مع بلديات أخرى في إسرائيل. هي من المعهد للتعليم الحضري في الجامعة العبرية في مركز العيادة الحضرية. بالإضافة الى ذلك, هي تعمل بمواضيع السكن والمقالات والمحاضرات وبكتابة أراء خبير للباحثين, هي أيضا عضوة في لجنة تراختنبرغ. د. سيلبرمان كثيرا ما تساعد وقد عملت معنا كثيراً بمشاريع التجديد الحضري, مشاريع الإخلاء والبناء وغيرها.
يتواجد بيننا اليوم مخططو أحياء ومخططون عاملين في المراكز الجماهيرية وآخرون عاملون في قسم التخطيط في بلدية القدس.
د. أميلي سيلبرمان
سنناقش الجملة الأساسية – عدالة إجتماعية. من غير الممكن التعامل مع عدم تواجد العدالة الاجتماعية من دون التطرق الى مُرَكِّبَات الحيَّز. كثرا ما يتم استخدام هذه المركبات لتقديم الاستشارة للاحتجاجات المطالِبة بالعدالة الإجتماعية, وعند التعامل مع من يعمل في الرفاه وفي التعليم والصحة. لكن, لا يتم التعامل دائما مع مُرَكِّبَات الحيِّز بشكل جاد ومهم بما يتعلق بالعدالة الإجتماعية.
أود أن أُركز على أهمية الجولات الشهرية في الأحياء والتي تُبادر اليها المراكز الجماهيرية في أيام الجمعة, يتم في هذه الجولات مناقشة ثلاث أو أربع معضلات أساسية, بالإضافة الى مناقشة جوانب التخطيط الاجتماعية. يُشارك في هذه الجولات مجموعات من الشبيبة, والطلاب وآخرين, و يتم نقل الاستنتاجات الى المراكز الجماهيرية.
ما هي المواضيع التي نتحدث عنها عند منقاشه التنوع الإجتماعي؟ نتحدث عن الغنى والفقر, وعن الفلسطينيين والإسرائيليين, وعن العرب واليهود, وعن المسلمين والمسيحيين, وعن الشبيبة والمسنين, وعن مستأجري البيوت وأصحابها, وعن اليهود المتشددين دينيا والعلمانيين. نحن نتحدث عن مواضيع متنوعة, عن تنوع بأشكال المعلومات المختلفة التي تتطور مع البعد الزمني. لا يوجد أمر ثابت, وذلك بسبب تطور المدينة المستمر. يتوجب طرح سؤال عن العلاقة ما بين التنوع والأمس؟ ما بين التنوع والغد؟ من سيتعامل مع هذا التنوع؟ وكيف سيتغيّر هذا التنوع؟
يتمحور السؤال الأول حول ماهية التنوع الإجتماعي في العمل اليومي الخاص بالمخططين الحضريين؟ هناك من ينظر الى التنوع كوضع طبيعي, كحالة معيًنة: diversity. هناك من يتعامل مع التنوع كمصدر للصراع. لكن, تتعامل الأكاديمية في هذه الأيام مع التنوع من دافع يمنحه قيمة عليا. كنتيجة للحداثة, تعاملنا مع العمليات على مدى سنوات كثيرة في الأكاديمية وفي أرض الواقع في بعض الأحيان , عمليات مثل “كيف نُخطّط؟” وفي بعض الأحيان تطرقنا مع العدالة. تتعامل الأكاديمية مع التنوع كأمر مثالي, هو أحد المركبات الأساسية للمدينة. أقارن بين التنوع وبين الشروش. تعامل المفهوم العصري الذي تمحور التخطيط حوله مع التنوع بشكل معاكس: لم يكن هناك أي طموح نحو التنوع, بل أنها طمحت الى الترتيب والى الحرية والى النظافة, كما طمحوا أيضا الى مبادئ الفصل: بين راكبي الدراجات الهوائية والمشاة والمركبات. ما بين المؤسسات التعليمية والبيوت. كرد فعل للحداثة وللمشاكل التي سبّبتها, انتهجت حركة ما بعد الحداثة نهج التنوع. أين نجد أنفسنا كمخططين في القدس في ظل هذا النهج, في حين ما زال يُنظَر الى التنوع في اسرائيل بناءا على المفهوم العصري؟
نحن متواجدون في وضع غير سهل. نحن نعمل في مهنة ترى التنوع كقيمة, كأمر يتوجب الطموح اليه, كأمر يتوجب إنتاجه بشكل يومي, ونحن نجد أنفسنا أمام الحداثة الإسرائيلية التي ما زات تعمل بإتجاه مغاير. تعمل بإتجاه الفصل والتجانس, لماذا؟
ما هي التفسيرات المناهضة للتنوع؟ أحب أن أتواجد مع أشخاص يشبهونني, يمنحني التجانس الثقة والأمان, أشعر أن بإمكاني ترك باب بيتي مشرّعاً. أعلم بهذه الطريقة من هم الأطفال الذين يلهون مع أطفالي, لأنهم يشبهونني. أريد أن أختار جيراني, وأود أن يكونوا مثلي تماماً.
ما هي التفسيرات المؤيدة للتنوع؟ المدينة بكونها مصدر مُفاجئ وشديد التنوع, ترفع مستوى الحصانة الإجتماعية.
كيف نقسم الموارد في المجتمع؟ نستخدم مورد الطبقة الوسطى, هناك تأثير لهذه الطبقة على قدرة الأطفال الفقراء للتقدم والتطور في مدرسة تحتوي على أطفال ينتمون الى المجموعات السكانية من الطبقة الوسطى. عندما نقوم بفصل الطبقة الوسطى, نحن نترك التجمعات الفقيرة لوحدها, مما يؤدي الى هبوط في مستوى المدرسة وفي مستوى البيئة.
كيف تروا التنوع في القدس؟ هل تنفذ الأعمال من منطلق فكري يدعم الفصل والحدود؟ بأي مقياس يتم ذلك وبأي سرعة زمنية؟ هل هناك أية نشاطات للتعايش في مناطق التماس؟ هل هناك أي نشاط يهدف الى بناء حيِّز مشترك؟ مع أي تجمعات سكانية يتم ذلك وبأي مقياس؟
جواب الجمهور: يتوجب التطرق الى التنوع في القدس بشكل مغاير. هنالك مساحات تتواجد على مناطق التماس الخاصة بالأحياء وبالمجموعات السكانية مختلفة, من الممكن الاستفادة من هذه المساحات عن طريق جعلها مناطق مشتركة مثل المنتزهات أو أماكن طبيعية عامة – من الممكن إيجاد الأمور المشتركة في هذه الأماكن من دون أن يتم خلق شراكة, ويتوجب الأخذ بعين الاعتبار أنواع الأشخاص المختلفين. هناك تقسيمات أكثر حده وصعوبة للفصل, يولد الأشخاص بهذه التقسيمات: أيدولوجية وقومية, تقسيم مستوى الدخل أو وضع عائلي مختلف. يتقبل الأشخاص المتواجدين في هذه الانقسامات الآخرين أكثر.
أميلي: هناك مناطق يتم العمل بها بناءا على مبدأ الفصل, وذلك لأن التنوع قد يثير الصراعات, وهناك مناطق أخرى كمناطق التماس من الممكن العمل بها لخلق التنوع. هل هناك مناطق يعتبر الحيِّز المشترك المتواجد بها جزئ من عمل المُخطّط؟
سؤال الجمهور: يلتقي مخططي الأحياء مرة في كل شهر. بشكل عام, يشارك العرب, واليهود, واليهود المتشددين دينياً في هذه اللقاءات. تم طرح موضوع نقص اللغة في نظام التخطيط المقدسي التي يقود الفجوات الثقافية. ما هي لغة التخطيط, وهل تم ملائمتها ثقافيا لتتلائم مع جميع المجموعات السكانية؟ هناك لغة خاصة ب “الخطة الهيكلية 2000” والتي تمت كتابتها كأمر واحد يتوجب سريانه على جميع أنحاء المدينة. يتمحور جزئ من المشكلة في اللغة التي لا تفهم الفجوات الثقافية لأنها خُلِقت على يدي سلطة واحدة. ربما يجب أن يكون هذا جوهر الحوار: خلق لغة تنطق بالتنوع, أكثر عدالة.
إميلي: أوافق. يتوجب استخدام لغة مهمة لدى الجميع ومشتركة فيما بينهم, يتم استنتاج هذه اللغة من الخبرة اليومية.
سؤال الجمهور: هناك امتيازات تمنح المخططين الذين يخططون المدن الشعور بالمدينة الفاضلة, ولكن كلما اقتربوا من المؤسسة زادت المسافة بينهم وبين هذا الشعور وتضائل حيّز الحركة والمناورة. من الممكن ملاحظة الحدود عندما نسمع ما تقوله المؤسسة عن علاقات اليهود المتشددين دينياً والعلمانيين, وعلاقة اليهود والعرب. في هذه العلاقات, يتم استخدام مصطلحات الإحتلال: هل سيقومون بإحتلال منطقة أخرى, كيف سيقومون بذلك؟. لهذا, من غير الممكن الحديث عن الحيِّز المشترك على مستوى الأحياء, بل من الممكن حدوثه في الفعاليات الحضرية.
إميلي: من الممكن السير في هذا الاتجاه, ومن الممكن أيضا فحصه في أوضاع مختلفة ومتعددة. ربما سيتناسب هنا أن يكون السكن منفصلاً: مرة على مستوى المبنى, ومرة على مستوى الحي. كيف يتم اتخاذ القرار؟ ما هي ظروف اتخاذ القرار؟ من سيقوم بإتخاذ هذا القرار؟
سؤال الجمهور: ماذا يتوجب أن نعمل لمجابهة السيرورة الطويلة – كيف علينا أن نقرر؟ من السهل اتخاذ القرارات على صعيد الأحياء وما أقل منها. فعلى سبيل المثال, التعامل مع المواضيع الخاصة بعلاقات اليهود المتشددين دينيا مع العلمانيين في كريات هيوفيل أسهل من تلك العلاقة بين نفس المجموعات السكانية على صعيد المدينة. من الممكن أن تنتج هذه العلاقة حرباً.
سؤال الجمهور: كان هناك تفهمات لبناء ملعب الصداقة, تم إعطاء الملعب اسم وعنوان. الملعب قائم الآن. كان الملعب تابعاً لأم طوبا, ولكن, تمت مصادرته لمصلحة هار حوما. كانت هناك جاهزية على المستوى السياسي لبناء ملعب الصداقة, ولكن, حين وصل الأمر للمركز الجماهيري, رفض أهالي هار حوما هذا الموضوع.
سؤال الجمهور: هناك علاقة في اسرائيل ما بين التخطيط وبين الأمن والسياسة. نحن في عام 2015, وما زال المخطط الإسرائيلي أداة بيد السياسيين, وبيد العاملين في وزارة الدفاع. حتى في حال إن أراد المخطط أن يقوم بعمله بشكل مهني, فهو مقيّد. هناك محاولات لإستخدام خبرته بهدف التقييد والفصل بدلاً من الإبداع. لا يستطيع المُخطّط أن يبدع في خلق المساحات المشتركة. ففي القدس على سبيل المثال, من غير الممكن أن نجد مساحة مشتركة واحدة. يرى الحيِّز السياسي المساحة المشتركة كتهديد لسكان القدس ولأمنهم.
جواب: مأمن الله, حديقة السكة (بارك همسيلاه), القطار الخفيف.
سؤال الجمهور (تتمة): يمر القطار الخفيف في بيت حنينا فقط, ولا يمر بباقي الأحياء, على الرغم من أن جميع السكان يسافرون به. ولكن, يصل كل من المسافرين الى الأحياء المنفصلة.
إميلي: ليس بالأمر المفاجئ أن يعيش الناس مختلفين عن بعضهم البعض, ربما يحدث هذه الاختلاف بسبب الخلفيات, وبسبب أماكن العمل, والأيدولوجيات, والخبرة العملية. من الممكن أن يسلط النقاش بين الحقائق المختلفة الضوء على مسببات هذه الاختلافات.
عوفر: ما قاله محمد هو بأن علينا أن نسأل أنفسنا إن كنا نقود أو نخدم بشكل سري منهج سياسي معيّن؟ إنه سؤال معقّد وصعب ومثير للاهتمام. يدور الحديث عن السياسيين من كلا الطرفين.
إميلي: إنه سؤال مهم للغاية.
سؤال الجمهور: في جميع الثقافات, كانت دائما السياسة جزءا من التخطيط, كانت هكذا في جميع الأوقات وفي كل الفترات. عندما نتحدث عن التنوع, علينا الحذر والانتباه الى الحقيقة بأننا أيضا كمهنيين مقيّدين, لذلك, علينا أن نخطط بشكل متيح وليس بشكل مقيِّد ومحدِّد.
إميلي: من يقوم بإتخاذ القرارات وما هي وظيفة المخطِّط؟ علينا التفريق بين التقسيم الأخلاقي لأنواع المعرفة: التفريق بين التقني (المهنة) التي تُكتسب من الخبرة وبين الرؤية (الحداثة والتجديد) وبين العلم والمعرفة التي نستنتجها من المعلومات والحقائق.
في أي نقطة أنتم موجودين؟ الجواب متغير وغير ثابت. يتمحور الإدعاء الأساسي في أفضليِّة تنفيذ التخطيط الجيِّد على أرض الواقع, وليس أن يكون على الورق فقط, يُلزِم التخطيط الجيِّد دمجاً متوازناً يلائم جميع الأماكن ما بين الثلاثة أنواع المختلفة الخاصة بالمعرفة. أين أنتم متواجدون في هذا؟ ما هو مدى تأثير هذه النقاط؟ هل لها أية أهمية أو وظائف؟
بما يتعلق بالمعرفة التقنية – ما هي الأمور التي يسمح بها القانون, وما هي التكلفة المادية, وما هو عدد الحدائق الواجب توافرها؟ يتوجب حضور الجلسات والقول: أنا اعلم, إنها مهنتي. أنا المختص بالعِلْم. إنه العلم الخاص بالمعلومات السكانية.
وظيفة الرؤية – نراها أكثر لدى السياسيين. هناك مهندسون ومخططون مثل روبرت موزس في نيويورك الذين عملوا من دافع الرؤية التي طمحوا اليها, وعملوا أيضا من دافع فكري يتعلق بالمكان الذي طمحوا بالوصول اليه من دافع الحداثة وبمساعدة قصص شيقة ومُبادِرة. تتواجد الرؤية عندنا بين يدي السياسيين. ما هو مدى تأثير المُخطِّط في هذا الواقع؟ ما هي وظيفة المُخطّط في الحي وفي طاقم العمل: أيتوجّب أن نتحدى الرؤية؟ ما هو مدى علاقتها بالسياسيين؟ هل هي تمتنع عن السياسيين عن عمد؟
وظيفة المهنة – هناك علاقة بين وظيفة المهنة وبين أمور عدة مثل “لا أستطيع أن أسكن هناك”, و “لا نسكن بجانب مقبرة”. أنا أتفهم الحياة اليومية, إن لم نفهمها, لن يكون باستطاعتنا الوصول الى خطة قابلة للتطبيق, خطة جيّدة مشابهه لتلك التي كانت في هار حوما والتي لم تتناسب مع حياة الناس.
إميلي: لو نظرنا من هذا المثلث الى أوضاع محددة يواجهها المُخطط, من الممكن ملاحظة الجوانب التي تبدُ من خلالها الرؤية واضحة. لكن المعطيات ناقصة. أين تتواجد المعطيات, ألا توجد رؤية؟ كيف يتم تحديد كل واحد من هذه الأصعدة؟
عندما ننظر الى أنواع المعرفة الثلاثة, وعندما ننظر ثانية الى سؤال التنوع, كيف باستطاعتنا اتخاذ القرار بما يتعلق بالفصل, وبمناطق التماس, وبالحيِّز المشترك – كيف يتم تأسيس ذلك على المعرفة المحليّة, وما هي المعطيات التي تقارن إسرائيل بأماكن مختلفة في العالم والتي تسمح لنا بتقبل أنفسنا.
ترتكز المهنة على التجربة والخطء, بينما يستقر الجانب العلمي: هذا ما تم تحديده وهذا ما سيحصل. كيف نسمح للجوانب المهنية بالتأثير على المعرفة؟ يخلق هذا نوع من التوازن بما يتعلق بالرؤية.
أدعو المشاركين الى زيارة معهد الدراسات الحضرية والمتواجد في جبل المشارف, يتم في كل عام في هذا المعهد عقد مؤتمر يجمع المهنيين من التخصصات المختلفة. موضوع هذا العام هو الأساليب الحديثة للمشاركة في التخطيط. أنصح بأن نتعلم من ما يحدث في عكا: كيفية إدارة المدينة في ظل واقع السكان والمهن.
عناية بنا- جرايس
أنا متواجده هنا كعضوة في المركز العربي للتخطيط البديل, كما أني أمثّل مصلحة المجموعة السكانية العربية بما يتعلق بالتخطيط وبتطوير الأراضي في جميع التجمعات السكانية العربية على مستوى البلاد.
لو اخترنا الجمهور من خارج القدس بهدف شرح طريقة العمل. سأُركّز على المعرفة المحلية, وسأتطرق الى المساواة. سأقوم بالتركيز على العدالة بطريقة العمل الخاصة بمراحل التخطيط: كيف يقومون بتنفيذ المراحل؟
لا يدور الحديث حول شراكة الجمهور فقط, بل عن العدالة المرحلية أيضاً. كيف يتوجب علينا أن ننفّذها؟ هناك تخطيط وسياسة في داخل التجمعات العربية أيضاً, لا يتواجد التنوع في هذا الحيِّز, هناك فصل. هناك أهمية للسياسة السائدة على الصعيد المحلي وعلى صعيد جميع أنحاء البلاد في هذا الحيّز.
العدالة المرحلية تعني إدارة عملية عادلة تجاه كل الأشخاص ذوي العلاقة بالعملية. التعبير الوحيد الموجود اليوم بين العدالة المرحلية وما بين العمليات هو مشاركة الجمهور بعمليات التخطيط.
تتطرق العدالة التقسيمية أو التوزيعية الى إمكانية إيجاد عملية عادلة تجاه كل المشاركين. هنالك 77 سلطة محلية عربية. هناك ما يقيّد المواطن العربي: أين يستطيع المواطن العربي أن يسكن في البلاد؟ هو لا يستطيع أن يسكن في داخل تجمعات سكانية لا تقبل به لجان القبول المسؤولة عنها. يؤثر ذلك على التنوع. كيف باستطاعتي كامرأة عربية أن أسكن في مكان ما وأن أمارس حياة طبيعية. في المدينة؟ في القرية؟ في المساحات العامة الخاصة.
لو تطرقنا الى الجانب المحلي, سنجد أن هناك علاقة واسعه لا تتطرق فقط الى المعرفة والمعطيات, بل أنها تتطرق الى التاريخ وكل ما شكّل المجتمع الحالي. إن أردنا أن نبدأ بعملية عادلة في جميع المناطق, علينا بلورة طريقة بحيث يكون بإمكانها أن تؤثّر في كل المناطق وفي كل الجوانب. من الممكن أيضا البدأ بعملية تطويع محلّي ذات علاقة بالمنطقة نفسها.
لم تتطور العدالة المرحلية في كتب التخطيط. هي متطورة في النظريات المتعلقة في عدة تخصصات مثل القانون والاقتصاد والإدارة. لا نهدف الى الموافقة بالإجماع, بل نهدف الى التطرّق الى المناطق المتداخلة. عندما لا نستطيع التواصل والوصول الى الإجماع, نتحدث عن المناطق المتداخلة التي تتيح الوصول الى العمليات العادلة:
- 1. العملية النقية – عند تنفيذ العملية بهدف معالجة أمر ما.
- 2. عملية عادلة لا تصل الى نتيجة عادلة.
- 3. عملية عادلة والتي تصل الى نتيجة عادلة.
الافتراض هو أنه وبغض النظر عن ما يحدث, إن نظرنا إلى العملية نفسها، سنجد في واقع العملية أهمية كبيرة, أولا للمشاركين, وذلك بسبب رفع الهوية واتخاذ القرار بغض النظر عن النتيجة. من الممكن أن تقوم العملية بقيادة العديد من العمليات. ثانيا، هناك أهمية للمؤسسات ولصنّاع القرار الذين يحصلون على الشرعية الكاملة. في المناطق التي نتحدّث بها عن صراع بارز وهناك من يديره, من الممكن دمج هذه المواضيع في العملية نفسها. ثالثا, هناك أهمية لكافّة الناس, بحيث أنهم يستطيعون الحديث عن الصراع وإدراجه في النقاش العام.
هناك نقاشات كبيرة في الأوساط الأكاديمية أيضا, تدور هذه النقاشات بين أولئك الذين يدعمون العملية وأولئك الذين يدعمون النتيجة. الإدعاء الأساسي هو أنه إذا كانت العمليات التشاركية مبنية على أساس غير عادل،, فهي تعزّز الفئة القوية وتضعف الفئة الضعيفة.
كيف ندير عملية في مثل هذا الوضع؟ علي أن أوافق على هذه الخطة, خطة رئيسية, خطة هيكلية. كل شيء هو جزء من عمليات متشابهة.
لقد طوّرتُ نموذجا وأدوات تمكننا من التعامل مع هذه الأسئلة. قد لا تُغيّر هذه الأدوات النتائج, ولكنها قد تُغيّر العملية. عملت في ثلاثة أطر: (1) نظريات العدالة المرحلية, (2) مشاركة الجمهور في التخطيط, (3) السكان العرب الفلسطينيين في إسرائيل.
في السياق المحلي، الموضوع الأكثر أهمية في المجتمع العربي اليوم هو موضوع ملكية الأراضي. تتواجد هناك المعرفة المحلية. من دون رؤية, من دون بيانات دقيقة, هناك من يدخل البلدات العربية ويقوم بمحو التاريخ والحاضر, كما أنه يقوم أيضاً بالتعلُّق بأمور صغيرة من ما يميِّز المنطقة.
كان النظر الى الخصائص الجماعية أساس بحثي: التاريخ وعدم العدالة في التوزيع, والحقوق الجماعية.
إن تطرقنا الى الوضع الاجتماعي الاقتصادي – يتواجد جميع السكان العرب ما بين 1 الى 4 من الجانب الاقتصادي. ما يعني أن وضعهم الاقتصادي الاجتماعي متدني للغاية. ماذا بإمكاننا أن نفعل؟ هنالك ست قواعد في نظرية العدالة المرحلية. الهدف هو تطوير أدوات بهدف مساعدة هذه الفئة السكانية على صياغة عملية يكونون مسؤولين عن تنفيذ عملية عادلة من ضمن عمليات صنع القرار.
يتطلب ذلك التتبّع والحياد ودقة المعلومات وفرصة لفحص ولتصحيح القرارات السابقة والعمل بناءا على قواعد التمثيل وقواعد السلوك الأخلاقي.
فيما يتعلق بقاعدة القوة والتوازن – من الممكن تطبيق هذا النموذج في جميع مناطق الصراع. حتى في القدس الشرقية, حيث أن الوضع هناك مختلف. يتوجب تحديد مكان اللاعبين في العملية, كما يتوجب تحديد السياق المحلي: لاستيضاح ماهيّة الحقوق التاريخية, ما هو وضع السكان, وتعيين الميِّزات المحلية وغيرها من الأمور.
ما مكانة المُخطّط, وما هو مكانه في كل هذه النماذج؟ سأعرض لكم بعض النتائج والتوصيات.
يتوجب تعزيز وتمكين القيادة المحليَّة. من الممكن ملاحظة ضعف المجموعة السكانية في هذه الفترة, كما أن السلطات المحلية ضعيفة وتتواجد في مكانة متدنية. لا يوجد مناطق صناعية ولا يوجد إقتصاد داخلي. مع أن هناك من يحاول تحسين الوضع, لكن هناك أمر هيكلي يسحبهم الى الخلف. ما هي الخطة التي نجحت على الرغم من الوضع القائم؟ تلك التي تحدَّت النظام. هناك وضع معيَّن وهو التمويل والتخطيط الخاص بوزارة الداخلية وبوزارة المالية. نحن نعطي المخططين، وهم يجلبون الموظفين ويدخلون الى التجمعات السكانية العربية. وبهذه الطريقة, تُصبح السلطة المحلية والتي هي ضعيفة اقتصاديا, لاعباً ذو تأثير ضئيل. يصبح صاحب البيت لاعباً ذو حيوية ومركزيّة ضئيلتين.
في التجمعات السكانية التي تم اتخاذ القرار بحقها من قبل المُمَوِّلين والسلطة المحليَّة بهدف زيادة قوتها, كان بها إجماع أكبر, كما كان بالإمكان تحقيق المزيد من القرارات الأكثر عدالة. بعد كل شيء, لن نحصل أبداً على العدالة النقية.
قدَّمت السلطة المحلية عرضاً يهدف الى توسيع التجمع السكاني, لكن القيادة السياسية لم توافق على ذلك. تكمن المشكلة في قرارات وزير الداخلية والسياسيين. عندما تمتلك القيادة المحلية القوة, يشكل ذلك تحدياً للنظام الأمر الذي سيؤدي الى تغييره, ويتيح مشاركة القيادة المحلية. من الممكن تعزيز السلطات المحلية عن طريق الميزانيات, والمواصلات, والمناطق الصناعية. لكن لا يتعلق ذلك بالمشاركة الجماهيرية.
هناك العديد من الأساليب لمشاركة الجمهور. أعتقد أن هناك أسلوب يتمحور بوجود هيكل, تتم مشاركة الجمهور بناءا على هذا الهيكل بوجود مستشار المشاركة الجماهيرية. هناك بعض المناطق ذات أسلوب مختلف, يريدون في هذه المناطق أن يتحدوا النظام. يطمح النظام في هذه المناطق الى التغيير. يتوجب على المُمَوِّل المُسيطِر أن يأتي بالأسلوب المغاير ليتحدى النظام. سيكون من الصعب تغيير العمليات إن بقيت علاقات القوى كما هي. لا تنجح مشاركة الجمهور في التجمعات العربية دائما. يختفي الناس عند مرحلة الشفافية. في هذه الأيام, لم يثبت النظام نجاعته وعلينا أن نبحث عن حلول.
ملاحظة الجمهور: لا يحدث هذا في المجتمعات العربية فقط, بل أنه يحدث في التجمعات اليهودية أيضا, فهناك أهمية للمشاركة في البداية, وتختفي هذه الأهمية مع الوقت.
عنايه: يعمل الممثلين المحليين أحيانا بشكل صحيح وأحيانا أخرى بشكل غير صحيح. تم إنشاء لجان ادعت بأنها تمثل الجمهور, وهذا بسبب عدم تمثيله من قِبَل المجلس المحلي. لكن يتوجب تعزيزهم وتمكينهم عن طريق المعرفة. أغلبهم من أصحاب الأراضي. من دون حضور نسوي, نحن نحاول أن يكن النساء ممثلات. هنالك الكثير من العمل الداخلي. هناك بعض الحالات التي لا نتحدث بها عن الأماكن الأكثر ضعيفاً, تشكيل المجموعات السكانية الضعيفة هو جزئ من عمل المخطط وذلك بهدف إيصال أصوات هذه المجموعات.
كشف بحثي روايتين: الرواية الأولى خاصّه بالمؤسسات- المُموّلين, ودوائر التخطيط, ولجان التخطيط والبناء, والمكاتب الحكومية. الرواية الثانية حاصة بالجمهور – الجمهور العام, وأصحاب الأراضي والمجموعات المحلّية. توصلتُ الى أن صنّاع القرارات المحلية كانوا في الوسط, أي أنهم كانوا في أغلب الأحيان جزءا من السرد العام. كانوا في المراحل الأولية في السرد الحكومي, لكن ومع مرور الوقت أصبحوا أكثر ميولاً الى السرد العام.
سؤال الجمهور: أين يتناقض السرد العام مع السرد الحكومي؟
عناية: يُعارض المتمسكون بالسرد العام العملية بسبب عدم الوصول معهم الى الإتفاق, ولم تكن العملية مُشارِكة وشفافة. وأعتقد أن هذا هو الحال فيما يتعلق في القدس الشرقية. يتواجد هناك سرد. تمة مشاركة جميه الجهات المحلية وكان المخططون من العرب. تم طرح الأمور المهمة, كان من الممكن أيضا ملاحظة المناصرة, كانت العملية مُشارِكة وحريصة على إشراك السكان المحليين بأعمال التخطيط. كان الهدف بناء الثقة المتبادلة ما بين السكان المحليين وبين القائمين على أعمال التخطيط. من الممكن من خلال هذه الثقة بناء نظام متكامل ذات علاقة بالأرض. من الممكن حصول ذلك في حال حدوث ذلك من الأسفل, وبناؤه بشكل يطمح الى المشاركة, ولإدارة عملية عادلة تلبّي أغلب احتياجات السكان. يدور الحديث هنا عن المشاركة وعن التعزيز وعن الجزء الخاص بهم في داخل النظام العام الخاص بالتخطيط. يتوجب أن نسأل: ما هي مكانة المخططين في داخل نظام صنع القرارات؟
عوفر: في ختام الأقوال الرائعة التي أنهتها عناية, علينا أن نتذكر بأن القدس هي المدينة العربية واليهودية المتشدِّدة دينياً الأكبر في إسرائيل, كما أنها واحدة من بين الأكثر تعقيداً وفقراً في إسرائيل.
تمت ترجمة هذه المحاضرة للغه العربيه لدى: العربيه للإستشارات
تلخيص المحاضره وتنقيحها: אסיף הוצאה לאור ומרכז כתיבה ועריכה