محاضرة ضيف: עיר שסועה לה יחדיו: المدن المختلطة والمجموعات السكانية العرقية من نظره عالمية/ البروفيسور دانيئال مونترسكو.
(21-10-2015)
بروفيسور مونترسكو هو رئيس برنامج طلبة درجة الدكتوراه في قسم علم الإجتماع وعلوم الإنسان المدنية, جامعة مركز أوروبا, بودابست, المجر.
هل من الممكن أن نعيش مع مرض السرطان؟ لماذا لا تُطاق قضية الاختلاط في الخطاب الوطني-الإقليمي في إسرائيل؟ لا يقتصر الإختلاط المدني على وجوده في اسرائيل, بل هو مشكلة عالمية. تناول علم الاجتماع الحديث منذ مطلع القرن ال 20 موضوع المهاجرين، ذلك بالإضافة الى تناوله لموضوع الاختلاط، ولموضوع اللقاء مع الغير. تقلص الخطاب اليوم إلى قضايا الجماعات العرقية, والمَعَازِل أو الغيتوات. إنه العالم من المصطلحات لا يتناول الطرح الجوهري والذي يتبلور بالحدود الشخصية وبحدود الآخر.
اللقاء بين الحدود الشخصية وحدود الغير في المدن المختلطة, محلياً على أقل تقدير, يجبرنا على التفكير بشكل أوسع. إدوارد سعيد، وبشكل غير مسبوق، يقترح التفكير باليهودي والفلسطيني بشكل حواري ومنطقي، وبشكل غير قابل للإنفصال، وكجزء سمفونية واحدة. كما يقدم إدوارد سعيد وصف رومانسي لنبل جميل ومأساوي.
يُعتبر الحيز اليافاوي كحيز مليء بالصراعات الإقليمية اليومية. صراعات عنيفة مليئة بتبادل الرموز. فعلى سبيل المثال، شارع “ناتان بيرتز” في حي عربي في يافا، قاطنيه من العرب. في ظل وجود لافته بإسم الشارع, قامت الحركة الإسلاميه بوضع لافتة كتب عليها باللغة العربية: “اطلبوا المغفرة من الهكم، لأنه اله رحيم”. إنه مثال للحوار بين الرسالة المبتذلة للقومية الإسرائيلية وبين المطالبة بأهمية ووجود الحركة الإسلامية.
قد يكون الاختلاط خَطِراً وذو متطلبات كثيرة. فعلى سبيل المثال، رسم الصليب المعقوف على الجدران في جادة القدس بيافا, والتي تعتبر كمنطقة مختلطة. إن هذه الصلبان المعقوفة التي رُسمت ما هي الا فشل لفهم علم الرموز والأدلة, هو فشل بتقليد رمز شائع ومعروف بشكل كبير كعلامة لكره الغير. في المدن المختلطة، بجانب عدم القدرة على صياغة مشروع مجتمعي متكامل، يتواجد أيضا عدم المقدرة لتلخيص وتحديد الكراهية.
و ماذا عن الحب؟ قام زوج مختلط بالإعلان و التصريح عن حبهم على واجهات جدران مسجد تم إعادة ترميمه من قبل المجلس الإسلامي في حي الجبلية: “Fuad love Osnat”. تم مسح كتابتهما الفور. فإن كتابتهما تحمل كل التوتر المتواجد في الاختلاط: فهي تحمل الحوار الوطني والحضري من ناحيه، ومن ناحيه أخرى, فهي تحمل حاجة الشباب لواقع بديل آخر.
“Jaffa is the Jewish city too”: هي عبارة مخطوطه على أحد الجدران في حي مختلط في مدينة يافا. هل يافا مدينة يهوديه أيضا ؟ هل هي مدينة يهودية فقط ؟ بالإضافة لذلك, من الممكن رؤية الصليب المعقوف داخل نجمة داهود. من الممكن البت بأن الإرتباك متأصل. بعد سنتين, تم محو علامات التناقض: “Jaffa is the Jewish city”. نقطه.
يتواجد الصدع بين المجموعات السكانيه وبين الأفراد. تم تأسيس الوجود الحضري المختلط على التناقضات:
- • التناقض بين الخَيَار والإجبار: التعايش إلزامي وخطر يهدد الوجود, بالتاي, هو إجباري وخَيَار في وقت واحد.
- • طبيعي وغير طبيعي: جدلية مأساوية. تثبيت الآخر وإقراره, من جهة أخرى، فإننا وعلى مدى السنوات نعتاد الغير طبيعية بل وندمن على. للأسف, تعتبر التجربة الغير طبيعية في بعض الأحيان كالرابط الذي يصل بين الأطراف المحاصرين داخل علاقة مأساوية.
- • قوى داخلية و خارجية: قومية واجتماعية.
- • الحياة اليومية والروتين مقابل الأزمات والمآسي.
خلق التعامل مع المشاكل الأخرى لغة متكاملة من الاستيعاب و التعددية, مثل تشبيه فن الطهي المختلط. ف “الغولاش” على سبيل المثال هو مزيج يحافظ على الفردية من ناحية, لكنه مجموعة أكبر من أجزائه. أغلب التشبيهات في إسرائيل ليست عضوية, وتنطبق على اليهود فقط. تقوم مشكلة القومية السياسية في اسرائيل بإبعاد التشبيهات من المطبخ, من العائلة وتدفع نحو الاشتعال الصناعي.
التاريخ الانساني ما هو الا تاريخ مختلط. نحن لسنا بمميزين. حتى نقوم بفهم قضايا مختلفة من الاختلاط الحضري علينا التطرق للعديد من النماذج. النماذج الثلاث الأكثر انتشاراً هي: النموذج الاستعماري, نموذج المدينة المقسمة (بلفاست، القدس), ونموذج المدينة المزدوجة. هذه النماذج لا تكفي. علينا فهم الاختلاط كعملية لنستطيع استيعابه. من المفضل التطرق الى سيناريوهات حضرية مثل : التطهير العرقي, والاستقطاب, والتقسيم, والتعددية, الاستيعاب (Boal).
يتوجب علينا فحص حالات محددة لفهم قضية الاختلاط بشكل معمق. استطاع التفكير القومي المناهض للاستعمار في الاسكندرية من جعلها مدينة قليلة المجموعات السكانية بعد أن كانت مدينة ذات مجموعات سكانية كثيره. في الإسكندرية، وفي سراييفو أيضا, تمكن نظام الفصل من القضاء على الاختلاط. في بلفاست, على الرغم من أن المدينة لم تعد مقسمة على الصعيد الرسمي, فإن عملية التعافي تتطلب عشرات السنين. الاختلاط الحضري هو عملية طويلة لا تنتهي بعقد الاتفاقيات, لذلك, علينا توقع ذلك في حال التوصل لاتفاق خاص بالقدس.
تبين الحالات حوض البحر الأبيض المتوسط إمكانية التخريب الذي قد يُحدثه الاختلاط, كما أنها تُبين كيفية عدم مرونته. ففي مارسيليا مثلا, والتي تعتبر نقيضة باريس, لم تُستشاط المجموعات السكانية المختلفة (الإيطايون, الأرمن, الكورسيكوون, اليهود, الجزائريون) ليصلوا لدرجة العنف السياسي. امتنع ممثلو المجموعات سكانية عن تسييس الإختلاط. نجح تواجد البحر الأبيض المتوسط وتاريخ الهجرة والأغلبية المسلمة في تحييد تسييس الحيز الحضري. أود أن هذا أن أستخدم هذا النموذج للتفكير بالواقع الإسرائيلي. تتواجد في يافا العناصر لمنع الانفجار المحتمل للوضع السياسي.
يقلق الإختلاط جميع دول العالم, وهو يتواجد بشكل كبير في أوروبا. في المجر على سبيل المثال, هناك محاولات لتلخيص دخول المهاجرين الى أوروبا بمصطلحات الاختلاف والاختلاط. تواجه هذه المصطلحات نقاشات النقاء التي تنادي للحفاظ على الهوية المحلية. يتمثل التناقض باشتياق القومجيين في أيامنا الى الفتره التي كانت بها المجر وحده متعددة الثقافات.
مدن مختلطة: لماذا تُسمى بهذا الاسم في إسرائيل؟ ألا توجد في العالم مدن مختلطة؟ بمفاهيم محدده, من الممكن الادعاء بأنه كل مدينة في العالم هي مدينة مختلطة. تُعتبر الحاله الإسرائيلية كحالة خاصة بسبب وجود نقاش حول ما يسمى “المدن المختلطة”. يتعامل العالم مع هذا المصطلح بشكل تحليلي خارجي. في إسرائيل, يشكل موضوع الإختلاط إشكاليه من الناحية السياسية, بحيث أنه اصبح وصف, علامة.
يظهر مصطلح “مدينة مختلطة” بتقرير فيل من فترة الإنتداب البريطاني في أرض اسرائيل. يتطرق التقرير ل “مدن لا يمكن تقسيمها”. تعرض المصطلح لعمليات الرفض والقبول. أصبح مصطلح المدينة المختلطه محطة وسطى في الطريق الى المدينة العبريه العصرية. كما أنه تسرب للنقاش الفلسطني. هنالك العديد من المؤسسات التي تتحدث عن يافا, وعن الرمله, وعن عكا, وعن اللد وعن حيفا كمدن مختلطة, تستخدم كل من هذه المؤسسات هذا المصطلح لأهدافه الخاصه. أصبحت “المدينة المختلطه” كبيت ضيافه لإدعاءات سياسية.
هنالك العديد من المراحل بتاريخ المدن المختلطه. تنظمت مجموعه من المدن بشكل ما قبل الوطنيه وقبل الرأسماليه. تطورت في بداية القرن التاسع عشر بيئه نظرية وفقا لها فإن الجميع, العرب واليهود, هم مواطنين عثمانيين. تم الغاء هذه الإدعاء بعد وعد بلفور, وبدلا منه بدأت عملية فصل الحيز المختلط. في نهاية الأمر, تم تحديد يافا كعربيه, وتل أبيب كيهوديه. كان التقسيم مؤقت وغير ثابت, تستمر هذه العملية حتى يومنا هذا.
تم في سنوات الخمسينيات بناء مدن يهودية بهدف مراقبة السكان العرب, الناصره والناصره العليا مثال على ذلك. لتخطيط نتائج غير مخططه: تعتبر الناصرة العليا اليوم وجهه للبرجوازية العربيه في الناصرة. وذلك الأمر في أماكن أخرى. هكذا ولدت المدن المختلطة الجديدة في إسرائيل, والتي تتحدى الفكر التخطيطي الخاص بالدولة وتتحدى مبدأ الفصل بشكل عام.
المدينة المختلطه لأين: مدينة مقسمة؟ مدينة مشتركة؟ مدينة ثنائية القومية؟ مدينة ما بعد القوميه؟ هذه السيناريوهات الحضرية التي نحن جزئ منها, و لا نستطيع حتى الآن أن نقرر الإتجاه الذي ستتجة اليه. أود أن أنهي بمقولة شخصية سياسيه وانسانية اجتماعية. هنالك طريقه واحده فقط للتعامل مع الإختلاط: تحييد الاحتمال السياسي القابل للإنفجار من ناحيه, وتقبل الصدمه والإختلافات من ناحيه أخرى. تعتبر القدس كمدينة التي تملك أسطوره وحياة يومية متناقضه بشكل مستمر ونازف. الأسطوره قائمة حتى اليوم, تقطر المدينه دماً وغير متهاونه أبدا.
تمت ترجمة هذه المحاضرة للغه العربيه لدى: العربيه للإستشارات
تلخيص المحاضره وتنقيحها: אסיף הוצאה לאור ומרכז כתיבה ועריכה