جلسة بمشاركة بلدية القدس – قسم المجتمع وشركة المراكز الجماهيرية – لواء القدس
“على خط التماس” – نماذج للقاء وللحياة المشتركة في الفضاء المجتمعي
(17 تشرين الثاني 2016)
ترحيب:
- د. عديت ديان، مديرة قسم الرفاه والمجتمع، صندوق القدس.
- راني روزنهايم، مدير قسم المجتمع، بلدية القدس
- يولي بن لفي، مدير لواء القدس، شركة المراكز الجماهيرية
الموجه: شايكا إل عامي، مدير ادارة حدائق مدينة القدس
المتحدثون:
- ابراهيم أبو شندي، مدير المركز العربي اليهودي في يافا
- تمار فايس، مبادرة للقاءات بين الثقافات في حديقة السكة، القدس
- محمد عليان، مدير ادارة المجتمع، سلوان الثوري
- اوشرا بن زكاي، مديرة وحدة الشبيبة، الادارة الجماهيرية يوبليم
- شالوم بوغوسلافسكي، ناشط اجتماعي
د. عديت ديان
تعدد الثقافات كتحدي مجتمعي في مدينة مختلطة – ما الذي يعنيه هذا؟ الموضوع مهم ومعقد. سأعرض قائمة من العروض التي تصل للصندوق وتطلب الدعم – برنامج لدعم الشباب القادمين من اثيوبيا، نادي للشباب في خطر لجميع أوساط المجتمع بهدف بناء تعارف بواسطة الخبرات المشتركة ومجالات الاهتمام المشترك، برنامج لناجي المحرقة، برنامج في مجال المسرح – تمت المصادقة على تمويل جميع هذه المشاريع. البرامج متنوعة، كل برنامج معد للتركيز على جانب مختلف وتعزيز مجتمع مختلف. هناك أكثر من حقيقة واحدة، والكثير من التعقيد، ولهذا نحن هنا: لنعرف ان هناك اكثر من سبيل واحد للتعامل مع تعدد الثقافات.
راني روزنهايم:
يسمح المستوى المهني بالنظر إلى الأمور بشكل مختلف. هذا تحد حقيقي. اعتقد أن المستوى المهني مدرك لهذا التعقيد ويقوم بعمله دون تدخل سياسي. أعتقد أن ثمانين بالمئة من المواضيع التي تصل إلى الصحيفة في مجال النزاع السياسي في المجتمع المتدين الوطني، والمتزمتون، والنزاعات بين المتدينين والعلمانيين – تلقت اجابات مناسبة، وكان المستوى السياسي ليكون سعيداً لو استطاع تجنبها. النطاق الذي يجب ان تطرح الأمور ضمنه هو النطاق المجتمعي. تفضل البلدية احياناً مجاراة ما يختاره المجتمع. هنا يبدأ التوتر ـ وعمل البلدية هو سد هذه الفجوة. في احد الاحياء نشارك بالعمل مع الادارة المجتمعية وكان واضحاً أن المجتمع سيعارض ما ستقدمه البلدية. سألت ان كان من الممكن ان توافق البلدية على أمر كهذا، بأن تكون هناك اعلانات ضد البلدية، أي أن عندما تذهب إلى المجتمع ولا تحصل على كل ما اردت. هذا جزء من مهمتنا.
يولي بن لافي:
عشرة أصناف من الجمال اخذتها القدس، وكذلك عشرة أصناف من النزاع والخلافات. السؤال هو، هل من الممكن التعايش معها. أحضرنا مدراء صغار وموهوبين إلى القدس، في المجتمع العربي والمجتمع المتدين. اللغة هي أمر مهم في بناء التواصل. هناك في بيت صفافا مثلاً معهد لتعليم العبرية. نحن نعمل على تقليص الفجوات في التعليم أيضاً. مثلاً فتح شبكة ألعاب لسن الطفولة للمجتمع المتدين او منح للمتدينين لتعلم اللغة الانجليزية. مع انه كانت لدينا خلافات في العقد او في العشرين سنة الاخيرة: اريد أن أتطرق إلى يوبليم أيضاً، فعثرة الخلاف موجودة هناك حتى اليوم. فمجتمع المتدينين ما يزال يمنع بركة السباحة. السؤال هو، كيف تتعامل القيادة المحلية مع تحدي تعدد الثقافات. عندما كان هناك تغير ديموغرافي، استمرت شرائح المجتمع في ممارسة اللعبة الديموقراطية واحترام تنوع المجتمعات بأكمله. عندما كانت هناك ثورة واخترنا ادارة متدينة، ضمنت الادارة ان تظل البركة مفتوحة يوم السبت، لانهم حاولوا احترام العلمانيين ايضاً حتى لو كانوا أقلية. في راموت في المقابل تدخلت السياسة وتحول الامر لخلاف سياسي ثم مجتمعي، هناك مشكلة طويلة. ففي يوبليم مثلاً: قررت الادارة انها تريد اقامة فعاليات يوم السبت. انا أحترم اتخاذ الادارة المحلية لقراراتها وانها هي من يحدد شكل البرنامج. ولكنني تجادلت مع الادارة. كان هناك إجماع حتى الآن، واليوم تريدون تشغيل فعاليات يوم السبت، الامر الذي لم يحدث قبل اليوم. جوابهم كان بأن الوضع الحالي تم خرقه منذ زمن، وليس للمجتمع العلماني أي فعاليات يقوم بها يومي الجمعة والسبت. سألت اين الحوار، فهناك ايضاً متدينون ومحافظون، وهذا الامر لن يحل. حتى الان على الأقل، استوعبت الادارة أن الامر يجب ان يتم بالحوار.
كنت مديراً للمركز الجماهيري في روميما، حيث كانت الاغلبية علمانية. بدأ التغير الديموغرافي، وحين انهيت عملي صارت الاغلبية هناك متدينة، وكان هناك ضغط من السكان لاستبدال الادارة، وأن يكون المركز الجماهيري متديناً. استشرت الحاخام غنتس، وقال انه يريد الحفاظ على نظام العلاقات الحساس على أي حال، ولذلك فإنه ما زال يرغب بأن تكون الاغلبية في المركز الجماهيري علمانية. قبل عامين فقط اختلف الامر. الفكرة هي تطوير العلاقات من خلال الحوار. ربما يتوجب وجود ميثاق مشترك.
شايكا بن عامي:
التنويع ادخلنا في صراعات معقدة، ولكن يمكنني أنا أرى في هذا فرصة كبيرة. التوتر الامني هو جزء من الامر، والى جانبه نزاعات حول الحقوق المجتمعية والعامة حول طابع الحي وطابع المدينة، وكذلك القدرة على اثراء اللقاء والحوار. ولكن يتوجب العمل لتحقيق الاثراء، علينا العمل لاستخراجه. فكرنا في اقامة لقاء مع الأشخاص الذين يعملون في تشكيل الطابع المجتمعي للمدينة. المجلس المعقود هنا يدور حول امكانيات الاثراء. اطلب ان يتحدث كل شخص عن تجربته.
ابراهيم ابو شندي:
نسميه المركز العربي اليهودي لأن أغلبية المؤسسات تسمى اليهودي العربي. كشخص ترعرع في مدينة مختلطة، تعاملت كثيرا في موضوع دعم الشباب، كنت عاملاً اجتماعياً وانا اعرف القدس. العيش في هذه المدينة المختلطة يعني التعامل مع النزاعات بشكل يومي، والتعامل مع تنوع الهويات عندك والذي تتم ملاحظته بشكل يومي.
اقمنا مركزاً ينتمي للبلدية، شركة المراكز الجماهيرية هي شركة حكومية ولكن في تل ابيب تقرر أن تتبع المراكز الجماهيرية للبلدية. العمل مكثف وطويل المدى. اذا اردنا تعزيز التسامح يجب العمل لعامين أو ثلاثة على الأقل. لأنه في البلدية هناك ميزانية وهناك ايضاً تبرعات، واذا تم تحديد سياسة، يمكن الاستمرار بها لأن هناك ميزانية من البلدية. هناك جمعيات كثيرة تعمل في موضوع التسامح. ربما كانت هناك 140 قبل 10-15 سنة ـ اليوم هناك أقل بكثير. تغيير المؤسسات لسياساتها يعتبر مشكلة: ففي السنة الأولى يعملون مع الشباب وفي السنة التي بعدها مع موضوع النساء. انا اعتقد انه يجب تكثيف العمل، والعمل للمدى البعيد والبدء من سن مبكرة. بدأنا مشروع تسامح في روضات الأطفال. وضعنا كتباً، هناك مشروع لقاء بين الصفوف – مرة كل اسبوعين نحضر الصفوف إلينا لإقامة لفعاليات. اريد ان يتعرف الولد اولاً على الآخر في موضوع اللغة، والموسيقى والحركة، أن يتعرف الواحد على الآخر وبعدها نتحدث عن الصراع. علينا البدء بأمر يقرب ما بينهم. من المهم أولاً ان ندرك أن هناك اجهزة تعليم مختلفة: جهاز تعليم يهودي وجهاز تعليم عربي. وربما يلتقيان في الجامعة فقط.
أنا أؤمن بالحياة المشتركة – قبول وتفهم الآخر.، هذا الأمر ناقص في الدولة، ولهذا يجب العمل مع الجميع. ولذلك نعمل في المدارس، لأن هذا يعني العمل مع الجميع. هناك اشخاص شديدو التطرف في كل طرف. انا كقاطن احاول ان اعمل مع الجميع – عرب ويهود نحن على نفس الخط، كلنا معاً.
أوشرات بن زكاي:
لدينا في يوبليم تنوع كبير من المجتمعات والشرائح المختلفة. هناك أيضاً مدرسة “كيح” (كل اسرائيل أصدقاء) وفيها مجتمع مختلط. لدي علاقة شخصية مع معلمات ومركزات عربيات مسلمات. انا كبرت في كريات أربع، ونحن نحترم بعضنا. سأتطرق اليوم اكثر للمجتمع المتدين المتزمت مع العلمانيين. هناك صعيد من العمل مع المدارس. نحن نصنع تشبيكاً بين مدارس علمانية ومدارس متدينة وطنية. المتزمتون ما زالوا يعارضون التعاون. هذا صعيد واحد من العمل. الامر المدهش هو رؤية ان الشباب متسامحون جداً. يعرفون كيف يتحدثون فيما بينهم، لدرجة أن المدارس تفكر في ايقاف الفعاليات لأنه لا يوجد ما يكفي من الصراع لتبرير هذه الفعاليات. اهتم الشباب أكثر بموضوع قتل اسحاق رابين. مع المدارس تسير الامور بشكل جيد.
في مراكز أخرى هناك في البداية توتر وتراكم للنزاع، ومع الوقت حين يبدأ الحوار المشترك، يتفاهمون بشكل جيد. يلتقون خارج اطار الفعالية. لدى البالغين في المقابل هناك مشاكل. هناك مجموعة ليست بصغيرة من المتدينين العدائيين. المتدينون الوطنيون اكثر تساهلاً، ولكن بشكل عام هناك دائماً رغبة للتعارف على المستوى الشخصي. من ناحية العلمانيين، الصعوبة هي ليس حين يواجهون شخصاً متديناً بمفرده ولكن الادعاء هو أن المتدينون يعرفون كيف يتنظمون ويحققون اهدافهم وهذا يخلق لدى العلمانيين الخوف والرغبة في النجاة.
على المستوى الشخصي ليس للاغلبية مشكلة مع الجيران، ولكن الصعوبة هي على المستوى المجتمعي، عندما ترغب في قيادة تغيير اجتماعي. العلمانيون مثلاً قلقون جداً من رغبة المتدينين بوجود مدرسة دينية داخل الحي، كي لا يضطر الاولاد السفر إلى خارج البلدة. العلمانيون قلقون انه في حال حصل هذا، سيأتي متدينون أكثر، وهذا سيغير من طابع الحي. حتى في الاعياد هناك صراعات، كصراع المتدينين مع الاصلاحيين. هدفنا هو السماح لأكبر قسم من المجتمع بأن يعبر وأن يضع أسساً تمنحه حرية التعبير. انى ارى الأمل لدى الشباب. يقولون دوماً أن الشباب يرى الأمور بتطرف، ولكني لا ألاحظ هذا، حتى حين يكونون مجبرين على اللقاء. هناك اماكن يكون فيها أغلب مجتمع الشباب المتدين من الشباب في خطر. المتدينون يفهمون ان هناك حاجة لحل مشكلة الشباب المتدين الموجود في خطر. نحن نحضر دورية تسمح بالالتقاء بهم خارج الحي. هم يتفهمون انهم جميعاً بشر، ويتعاملون مع نفس الصعوبات، وما يثير الاهتمام أنه حتى الشباب في خطر يمكنهم رؤية المشترك وسبل الترابط.
محمد عليان:
ولدت في الكويت وأتيت إلى هنا في سن العاشرة. حمل أبي الجنسية الاسرائيلية قبل أن يسافر إلى الكويت. تعلمت في بيت لحم وهناك عرفت ما هو الحاجز العسكري. مرة صعد إلى الحافلة جندي درزي وقال بالعربية: فلينزل جميع الرجال. كنت في الحادية عشرة حينها وحاول أن ينزلني بالقوة. قالت له احدى النساء: اتركه، انه ولد صغير. قلت له بأنني ولد ولست رجلاً، ولذلك لم أنزل. من حينها بدأ اهتمامي بهذا الموضوع. أنا فخور بأنني مسلم، وعربي، ومدير ادارة جماهيرية، تعلمت في الجامعة العبرية وأنا أتحدث أمامكم وأحصل على ما يجب أن أحصل عليه.
في قسم من الحالات أشعر أنني مواطن حصل على حقوقه وعليه أن يقدم بنفسه. ولكنني أريد أيضاً أن تكون لي دولة فلسطينية وأن يعيش شعبي حياة طيبة. مهمتي مليئة بالتحدي، وقد حذروني من قبولها. بعد سنة استطيع القول بأنني لست نادماً على استلام هذه الوظيفة. الناس متعطشون للخدمة ولكنهم خائفون. يقولون أن القدس الشرقية هي منطقة محتلة. الاسرائيليون يقولون أنها عاصمة اسرائيل والفلسطينيون يقولون بأنها عاصمة الدولة الفلسطينية، وفي دولة اسرائيل علينا أن نفكر كيف يمكننا العيش معاً. احاول التعبير عن هذا لأصحاب القرار في المدينة. على البلدية أن تسمح بإقامة البنى التحتية وعدم توسيع الفجوات. اذا اردت ان التقي في بيت صفافا بعرب ويهود، فالأمر هناك أسهل من سلوان. في الثوري وسلوان لا توجد لقاءات تقريباً لأن الناس يقولون: قبل التعايش نريد ان نعيش. هدفي هو أن يبدأ الجيل القادم تعلم الحوار، تعلم لغة الآخر، وربما يحل الجيل القادم المشكلة التي لا تستطيع الدولة حلها. كما يقول القرآن، علينا أن نحب للآخر ما نحب لأنفسنا. علينا ايجاد العيش قبل التعايش، وأن يكون هناك رفاه ونشاطات لساعات الفراغ. اليوم لا يوجد مكان لاقامة نشاطات للشبيبة سوى في المدارس.
تمار فايس:
أنا اقول بأن اللقاء موجود فعلاً في الشارع، في المتجر وفي كل مكان. انا أسكن بجانب حديقة السكة. حديقة السكة تربط بين أحياء عديدة، بين بيت صفافا، وتلبيوت، والقطمون والحي الألماني. ارغب بالحديث عن مبادرة واحدة، والتي تبين انه ربما كان اللقاء الطبيعي بين الناس سيغير نوع الحوار. المبادرة هي ثمرة تعاون بيني وبين مواطنة اخرى في الحي. شعرنا أن كثير من الناس ومن فئات مختلفة يمرون من هناك، ولم تنشأ بينهم صلة ولا توجد بينهم امكانية للتعارف. لذلك أعلنا عن وقت ومكان، ودعونا الناس إلى “قصص جيران” (“الجيران ليسوا فقط وجوهاً في الشارع”) – في بيت احدهم مرة كل الشهر – كل من يرغب مدعو للحضور. احياناً يحضر ذات الأشخاص وأحياناً يأتي أشخاص جدد. ثلاثة أشخاص يتحدثون عن أنفسهم لربع ساعة، ثم يلتفت كل شخص إلى من يجلس بجواره، ويتحدث إليه لعشر دقائق حول موضوع نطرحه أو حول موضوع آخر. الامر يبدو سهلاً ولكنني أشعر بأن هذا الأمر له تأثير كبير جداً. جعلني هذا دائمة التفكير حول القصة التي يحملها كل شخص في الشارع. انا اشعر بالفعل أن هذه التجربة طبيعية وليس فيها أي إجبار. الامر الأهم هو أن الموضوع يبدأ من الاسفل، حتى بوجود ادارة جماهيرية تساعدنا وتدعمنا في الاعلان والتشبيك. ولكن هذا لم يظهر كأجندة تأتي من الأعلى. نحن بأنفسنا عملنا حتى وصلنا إلى هنا، واكتشفنا أن علينا ان نتدخل بشكل أقل. في البداية كان هذا في البيت، والآن هذا في الشارع. توقف الناس وانصتوا، ثم شاركوا وغادروا عندما ارادوا المغادرة. في البداية حاولنا أن نبحث عمن لديه قصة مثيرة، وتركناه هو فقط يروي قصته، اليوم صار الامر تلقائياً. نحن لا نعرف من سيروي قصته. وهكذا صار الأمر صحيحاً أكثر. انا احلم انه يوماً ما سنقوم بذلك في متجر رامي ليفي مثلاً، فهناك توجد المدينة المختلطة.
شالوم بوغوسلافسكي:
انا اعترض على مصطلح المدينة المختلطة، هذه مدينة تعيش في نزاع. مثلاً اذا وصلتني مجموعة من طلاب الخدمة المدنية، وهذا هو الجيل القادم ممن ينبغي أن يدير الأمور، وأردنا أن نقوم بجولة في شرقي المدينة، سيقول ضابط الأمن أن الذهاب إلى هناك ممنوع. مثال آخر: استلمت رسالة من الدورات التحضيرية المقدسية بأنهم يرغبون باجراء جولة لـ 25 شخصاً في حي مئة شعاريم. اخبرتهم بأنني لن أقيم الجولة، لأنني لا اريد أن أضايق السكان الذين لن يعجبهم الأمر. اريد ان تعمل السياحة أولاً في مصلحة المواطنين. لذلك لا يمكننا الحديث عن مدينة مختلطة بل عن مدينة يعيش فيها اناس مختلفون، فيها وجود الآخر هو اختبار لمدى الاحتمال. وكأن علينا أن نحتمل وجود الآخر. هذا نوع من الحجز، بحيث يمكننا المناورة في المتر المربع الذي يتركونه لنا. النزاع مستمر منذ مئة سنة تقريباً، ونحن لن نقوم بحله، وهذا الأمر الأكثر تأثيراً. لا يمكن التهدئة في وضع تعيش فيه نصف المدينة في مستوى جيد بينما النصف الآخر يعيش في فقر مدقع. ينبغي إطلاق مشروع وطني.
حصل بركات قبل ثماني سنوات على تقدير بأنه يحتاج الى 2 مليار شيكل لحل هذا الأمر. أنا لا اعتقد ان نتنياهو سيستثمر هذا المبلغ أو حتى نصفه، من أجل سكان شرقي القدس. القدس في منافسة مع تل أبيب ومع رام الله. الكثير من السياحة في البلاد تأتي للقدس لزيارة قصيرة وتعود للترفيه في تل أبيب. جميع الفلسطينيين الذين كانون يأتون مرة إلى القدس ويصرفون هنا أموالهم، يذهبون اليوم إلى رام الله، حيث المتاجر وأماكن الترفيه. الاموال التي كان يمكن أن تصل إلى القدس، تذهب إلى رام الله. هذه مجموعة العقبات. الناس يخافون من التعامل مع وضع مختلف عليه كي لا يتم اعتبارهم كيساريين أو كخونة. هذا لا يتعلق باليمين أو اليسار، لأن اليمينيين هم من يعملون في شرق القدس في الآونة الأخيرة، ولكن الناس يتراجعون ويفضلون الانشغال بأمور أقل اثارة للخلاف.
تغيير صغير على أي حال: نقطة صغيرة في صيف 2014، في اليوم الذي قتل فيه الشباب الأربعة. كانت هذه عملية مستمرة ولم تكن أمراً منفرداً، ولكن هذا الامر الفظيع دفع المجتمع المدني نحو تفكير جديد ـ وانتقلوا للتفكير بأنه لا يمكن التغاضي عن بعض الامور القائمة. هناك استعداد كبير اليوم في المجتمع المدني للتعامل مع هذه الأمور. كنت سأضع الحوار في نهاية قائمة ما يتوجب فعله، لأن الحوار الذي لا يتحول إلى عمل، ليس فقط بلا جدوى، ولكن في النهاية يجعل الناس انفسهم لا يرغبون بالحوار. أنا أؤمن ان الفلسطيني يقول لنفسه: انا أتحاور منذ 20 عاماً، ولم أحصل على شيء، ولا حتى على موطئ قدم، والاسرائيليون يتحاورون منذ 20 سنة يتحدثون ويبدون متسامحين ويتطلعون السلام. احدى الاستراتيجيات هي تقديم الخدمات. بناء رصيف او ازالة النفايات بدل تقديم سلسلة من الاعذار لتبرير عدم القيام بذلك.
استراتيجية أخرى يمكن القيام بها بشكل واسع، هي توسيع اماكن الهدوء. المكان الأخطر على الاطلاق هو بين باب العامود وباب الخليل، كيلومتر دموي، بقعة صغيرة حصلت فيها معظم احداث العنف. قريباً جداً من هناك، يقع المكانان الأهدأ على الاطلاق في القدس، كنيون ماميلا وحديقة تيدي. إلى هناك يصل اليهود والعرب، والمتدينون والعلمانيون. وأنا أقتبس هذا المبدئ من كتاب الادغال. ينص قانون الأدغال بأن الحيوانات لا تفترس بعضها قريباً من مصادر المياه، بل فقط داخل الأدغال. التحدي هو تقليص التفاعل السلبي قدر الامكان وتعزيز التفاعل الايجابي، وتوسيع الاماكن التي تمثل مصدر المياه. رفع المستوى الفعلي للخبز والمجتمع، وربما يمكن اعتماد ذلك كأساس للقاء والحوار، وربما في وقت سيكون هناك تفاهم سياسي بطريقة أو بأخرى.
سؤال من الجمهور:
السؤال لإبراهيم أبو شندي – هل تتوقع اقامة مركز عربي يهودي القدس؟ ارغب بمعرفة كيف تأثر سكان يافا بدخول أصحاب رؤوس الأموال إلى يافا والارتفاع السريع على أسعار الشقق.
ابراهيم أبو شندي:
كما يوجد مراكز في حيفا ويافا، لا أرى مانعاً من إقامة مركز عربي يهودي في القدس. هذه رؤية مهمة. أنا اؤمن أنه يتوجب العمل معاً، ولكن لدي اصدقاء عرب يعارضون فكرتي. رغم كل الصعوبات لا يمكنك أن تعمل بشكل آخر ضمن فقاعتك فقط، بل علينا العمل معاً. مركزنا في يافا مفتوح من السابعة وحتى الحادية عشرة ليلاً. لدينا اتفاق مع وزارة التعليم وطلاب المدرسة في يافا بأن يحضروا مرة في الاسبوع في ساعات الصباح كجزء من المنهاج لساعتين ويعودون بعدها إلى المدرسة. اذا عملنا مع انظمة مؤسساتية يصبح الأمر أسهل. نقدم تأهيلاً مهنياً ونخفف من التوتر. نشاطات ما بعد الظهر لا تقل أهمية. نحن نريد أن نعمل مع الشباب ومع النساء ونريد أن نغير السلوك والمواقف، ونطلب منهم أن يعملوا من أجل المجتمع. الحوار هو أمر مهم – ولكن طريق العمل مهمة أيضاً من أجل تغيير المواقف لمصلحة المجتمع. حلمي هو أن تكون هناك مراكز مجتمعية أخرى مفتوحة من 7 وحتى 11 ليلاً. وأن يتوفر فيها كل شيء. بالنسبة للشقق، ارتفعت الاسعار بشكل كبير. ولكن المساجد والكنائس باقية في يافا وبالتالي فالناس لا يغادرون يافا. لذا توجد مشكلة صعبة وهناك ضغط من العرب واليهود من أجل تخصيص شقق للمجتمع العربي. فيما وعدت وزارة الاسكان بتوفير الشقق للمجتمع العربي.
يولي بن لفي:
ادرت في السابق المركز الجماهيري في غيلو، وقسم من زبائن المركز الرياضي كانوا من السكان العرب. هذا أمر مقبول من ناحية بلدية. اليوم هناك في القدس في جمعية الشبان المسيحية مركز مشترك. حين كنت صغيراً تعلمت السباحة في جميع الشبان المسيحية، والمرشدون كانوا عرباً. هناك ايضاً روضة نهارية مشتركة ومدرسة ثنائية اللغة.
سؤال من الجمهور:
هذه الدولة بناها الشباب. استغرب لماذا تعتقدون ان الشباب لن يفكروا بحلول ديمقراطية. نحن نعرف من الشباب انه ان وضعت النزاع أمامهم على الطاولة، فانهم سيأتون بحلول أفضل، بدل أن نربيهم على الخوف من الصراع.
اوشرات بن زكاي:
من يعمل مع الشباب يعرف أن عليه ان يكون صادقاً وصريحاً. تطرح أمور شديدة التعقيد. للشباب لا صبر لهم على الحديث فقط، بل يتوجب العمل بشكل مشترك. العملية طويلة. تصل الامور مع الشباب احياناً لمستويات عالية من الاحتقان ولكن ذلك ما يزال حديثاً مشتركاً. صحيح انهم يلتقون في الشارع طوال الوقت، وحقيقة انه يوجد عاملين عرب في الدائرة تفتح مجالاً للاحتكاك، مع شباب بيتار مثلاً. نحن نعمل مع الجميع بشكل مستمر. احيانا يتوجب أن تتم ادارة اللقاءات من الاعلى في مكان محايد وخلق حوار وتعارف. في المكان الذي يمكن أن يلطف الأمور. اولاً يجب ان نتواصل مع الانسان وبعد ذلك ان نسمع رؤيته للعالم. هكذا يكون إنجاز الامور أسهل.
تمار فايس:
السياسة موجودة هنا، وهذه هي الحياة. يجب ان نهتم بالحقوق أيضاً، وكذلك التعرف على الآخر. هذا امر لا يتجزأ من الأمر. النموذج الذي عرضته يقول بأننا موجودون على أي حال في الشارع ولذلك نتحدث. هذا يمكن أن يحدث حتى في المكان الذي نشرب فيه الماء.
شالوم بوغوسلافسكي:
سأكون مصيباً إن قلت أن المعرفة هي أمر مهم. من يريد العمل في القدس، يجب ان يكون على قدر كبير من المعرفة من أجل التخفيف من التوقعات غير الواقعية. رأيت الكثير من النشاطات التي تصطدم بالواقع وتنهار. ولكن كلما فهمنا الوضع يمكننا التقدم أكثر. وكذلك يجب على كل شخص أن يعمل ضمن الاشياء القريبة منه. فاذا كنت مرشداً سياحياً مثلاً – أبدأ العمل من هنا. في المكان الذي أعيش فيه بشكل فعلي وفي مجالات الاهتمام الموجود فيه: هناك سأكون أكثر فعالية.
شايكا إل عامي:
كما يبدو فإننا لن نحل المشاكل السياسية الكبيرة في المدينة في هذه الجلسة، ولكن يبدو أن هناك متسع للعمل ولخلق مدينة أفضل.
סיכום ועריכה: אסיף הוצאה לאור, מרכז כתיבה ועריכה