الجلسة 8: السينما في المدينة المختلطة – تعكس الواقع أم تصنعه


 (17 تشرين الثاني 2016shy_0920)

الموجه: يورام هونيغ، مدير مبادرة السينما والتلفزيون في القدس

المتحدثون:

  • يوفال ريفلين، باحث، محاضر وناقد سينمائي
  • ليئور الفنت، ناقدة سينمائية وناشطة في المنتدى السينمائي ومنتجة تلفزيونية
  • جمال خلايلة، منتج ومخرج فيلم “ابراهيم”
  • هدار موراغ، منتجة ومخرجة الفيلم “لماذا تركتني”

يوفال ريفلين:

أقترح مساران من التفكير فيما يتعلق بالسينما المقدسية. سأستعمل تشبيهاً من مجال المطبخ: من ناحية يوجد نموذج للمجتمع كطنجرة ضغط، ومن ناحية أخرى نموذج قدر الموقد. في نموذج طنجرة الضغط تؤجج الصراعات من حدة الاجراءات، وما يتم طهيه هو تصادم وشحذ للهويات نتيجة للتصادم. لا تمتزج المكونات. في نموذج القدر هناك طهي بطيء، يسمح للمواد بالاندماج بشكل غير عنيف، وانتاج هويات جديدة غير واضحة. السينما المقدسية اليوم تشكل نموذجاً اكثر شبهاً بقدر الموقد.

ذروة الفيلم الأول الذي تم تصويره في اسرائيل كانت في القدس. 18 دقيقة تعرض جنة على الأرض. ابناء جميع الديانات يسيرون في أفواج نحو جبل الهيكل. في ساحة الحائط الغربي يهود وعرب، نساء ورجال يصلون معاً. هنري روزنبرج حاول أن يقدم نظرة طوباوية مثالية. عُرض الفيلم في الكونغرس الصهيوني عام 1911. الافلام الطوباوية تركت موقعها لأفلام تركز على الصراع. في فيلم ثلاثة أيام وولد، من عام 1966، يعرض أوري زوهر مجتمعاً مقدسياً متنافراً وقاتماً.

فائض الفكر او فائض الروحانية لدى المقدسين يفرض على اكثرهم نوعاً من متلازمة القدس، والتي تجعلهم منقطعين عن انفسهم وعن اسرائيليتهم. يعرض فيلم عرس في القدس صداماً شديداً بين المتدينين والعلمانيين، ويشدد على ان القدس ليست خياراً أمام سكان تل ابيب. يقدم القدس كمدينة قاسية جداً. حيث يتم ترسيخ الهوية او تحديدها من خلال سحق هوية الآخر. القدس ليست مدينة للسلام، ولكنها مدينة للصراع الأبدي. عززت السينما مبدأ برج بابل الاسرائيلي الذي ظهر في القدس ولم يظهر في مدن اكثر انسجاماً. عرضت السينما القدس كمدينة تسبب الصداع. من الصعب العيش في القدس، وهي تعرض كنفق نحو ما هو أعظم.

في السنوات الأخيرة بدأت افلام أكثر بتناول المجتمع متعدد الثقافات عبر ابطال متعددو الهوية. انت بنفسك ترتدي العديد من قبعات الهوية. الحرب ليست بين الايديولوجيات، كل شخص يحمل بداخله اصوات مختلفة ومتنوعة لها مكانها. الشخصية المقدسية في هذه الأفلام متعددة الثقافات. تصف افلام من السنوات الاخيرة حقيقة ان الحدود موجودة بداخلي وليست خارجي. أولها هو فيلم “عجائب” لآفي نيشر. لقاء بين ثمل مقدسي كثير السهر وبين حاخام شاب صاحب شخصية متزنة. اللقاء مع ما يبدو وكأنه العكس المطلق يكشف جوانب موجودة لديك. المسافة بين الايمان وبين الفن ليست كبيرة. إنها رحلة لاكتشاف الذات انطلقت بفضل الآخر.

فيلم آخر هو أبولا لـ”يوني غيفاع”. يبدو للوهلة الاولى فيلم اطفال تقليدي، ولكنه مطعّم بمكونات مقدسية: رفيق الأطفال في مغامراتهم هو الآذن العربي في المدرسة،. تبدأ التراتبية بالاختفاء. نفس الصديق الخيالي المقدسي، ابولا هو في القدس منذ الأزل، هو ليس ببطل خارجي بل هو نظرة إلى الداخل. يكشف الفيلم مكون الهوية ما قبل الاسرائيلية. في الفيلم الذي عرض عام 2005، شخص نركض معه لعوديد دفيدوف، هناك صراع بين الشخصي والجماعي. يطل التاريخ من جميع النواحي. يطلب من الشخصيات أن تناور في رحلة بلوغها عبر التاريخ الذي يطالب بمكانته. حيث تضطر ان تجد لها مكاناً على مسار التاريخ. في فيلم “فليفرح عريسي” يتشارك الرجال والنساء عالماً من الاختلاف الايديولوجي. النساء ترتدين البناطيل، وهن يطالبن بمكانتهن، ترفضن الالتزام بهامش المجتمع المتدين. هو عبارة عن كوميديا لطيفة تصف عالماً لا يوجد فيه فجوة بين الهويات وهناك لقاء مع الآخر.

القدس هي مثال لكوننا في مرحلة تتعدى الايديولوجيا. توقفنا عن الانشغال في توسيم حدود ما لسنا عليه. المجتمع الذي نشأ في القدس يرفض القبول بتعريف واحد للهوية. المقدسيون الشباب منفتحون أكثر على الاسئلة السياسية، ويدور بداخلهم نقاش متواصل حول الهوية. لديهم حياة مثيرة للاهتمام هنا في القدس، حياة لا تعرف الهدوء. هذه نعمة ونقمة. في فيلم الكلمات الطيبة لشيمي زرحين يدرك اخوان واخت انهم لا يفهمون أي شيء. هناك رفض للخنوع لتعريف واحد. هل هم عرب أم يهود؟ هل هم طبيعيون من ناحية جنسية؟ مجمل الهوية يبقى مفتوحاً. قد تكون الهوية المحددة موجودة هناك في هوليوود، في القدس نعيش الأسئلة. هذا مخيب للآمال لمن يرغب في هوية ثابتة، محددة، تقوم على الجمود. الهوية هي أمر مرن دائم التغير. الافلام التي انتجت هنا تبشر بهوية متبدلة. قد تعكس القدس مجتمعاً اسرائيلياً آخر، لا يتوارى خلف الأسوار. يتوجب الاعتراف انه لدى كل آخر هناك جزء منك أنت.

ليئور الفنت:

اسرائيل هي جنة الاخصائيين الاجتماعيين وجهنم لكل شخص آخر. سأتحدث عن السينما في مدينة مختلطة من خلال فيلمين: عجمي وجنكشن 48. هذان الفيلمان في رأيي هما دعوة للعمل. عجمي (2009) هو نموذج رائع لانتاج مشترك موجه نحو الكفاح المشترك. فيلم ناجح جداً، أغلبه باللغة العربية، تمتزج فيه العبرية. طوال الفيلم تظهر شخصيات لا تفهم وتحتاج لجسر هوة اللغة. قلة التواصل هي امر ملحوظ، قلة الفهم. يمثل فيه سكان الحي إلى جانب ممثلين محترفين. هناك تمويه بين المجتمعات في مبنى الفيلم، تمويه في البعد الزمني وفي الحبكة.

يمثل مبنى الفيلم مشكلة الهوية بالنسبة للشخصيات. يعكس المبنى المهشم للفيلم تهشم الشخصيات. في نهاية الأمر الحي هو ضحية العنف، الواقع هو الضحية. كلا المجتمعين يهدم احدهما الآخر. هذه وجهة نظر جديدة، ليس المجتمع العربي وحده من يتأثر بالاحتلال، ولكن المجتمع الاسرائيلي أيضاً. هذه نظرة تريد أن تكسر الخلاف وتدعو الى التعاون والعمل الثقافي. ولكن الكفاح المشترك يضيع عندما تستولي دولة اسرائيل على نجاح الفيلم.

في المقابل تدير الدولة ظهرها لفيلم جنكشن 48 لـ”أودي الوني” (2016)، وجميعنا نذكر العاصفة التي اثارها ظهور تامر نفار في مراسم توزيع جائزة اوفير. في هذا الفيلم أيضاً هناك لغة عبرية وعربية، ولكن هناك نقد صريح لاستعمال العرب للغة العبرية من أجل التقدم. اليوم لا يمكن خلق سينما روائية فلسطينية دون دعم من صناديق السينما في اسرائيل، لأنه لا يوجد تمويل من السلطة الفلسطينية. سيطرت عملياً اسرائيل على السينما الفلسطينية، وتفرض السينما المشتركة وتستولي عليها. السينما المشتركة أصبحت ورقة التوت بالنسبة لها.

جمال خلايلة:

يعرض مقطعاً من فيلمه القصير “ابراهيم“. انا احب صوت ابراهيم، ولذلك قمت بانتاج الفيلم. يدور الفيلم حول شخصية “غريب”. انا اتعامل مع شخصية وليس مع خلفية. انا اروي قصة الشخصية، وهو القصة. نحن ما زلنا نمثل ذات المسرحية لضحية وجلاد، في المجتمع وفي السينما هناك مكان لتغيير هذه المسرحية. يجب التفكير بأبعاد جديدة، بفضاءات جديدة للفكر.

هدار مورغ:

تعرض مقطعاً من فيلمها – “لماذا تركتني“. سأبدأ من البسيط. في مركز الفيلم لماذا تركتيني يقف ابن متعاون فلسطيني عميل. هو منبوذ من المجتمع اليهودي ومن المجتمع العربي. يقابل شاحذ سكاكين، يمثل الإله، فيريد الانطواء تحت جناحه. بدأ الفيلم من ولد التقيت به، ابن عميل، ولكن القصة تدور حول منطقة حرام ايمائية، تجربة غير كلامية. هذا الفتى مشرد في بلده وفي لغته. ليس في الفيلم الكثير من الحوار، هناك الكثير من الضجيج الصاخب. يأخذنا الشاحذ إلى باحة المجتمع الخلفية، تم تصوير الفيلم في جنوب تل أبيب وفي يافا، الممثلون هم اشخاص من الشارع اعمل معهم. يتطرق الفيلم للذكورة والتجنس وليس للعلاقة بين اليهود والعرب. اردت ان أتحدث عن الذكورة في عيون نسائية، لأن العكس هو ما يحدث في العادة.

سؤال من الجمهور:

اردت الاشارة إلى أن هناك جدل في المجتمع العربي أيضاً حول ان كان من المقبول الحصول على تمويل من وزارة الثقافة. تأخذنا هذه الأفلام إلى مكان أفضل؟ هدار – هل ترين نفسك ممثلة للتغيير؟

هدار موراغ:

انا احاول ان انشأ حواراً عن طريق أفلامي.

يورام هونيغ:

هناك سينما شخصية ستقود فعلاً إلى التغيير. الأمثلة التي طرحناها هنا هي من حاضرنا، وفي نظري يتطلب وجود منظور زمني.

ليئور الفنت:

السينما تجعل العالم أفضل. يحول الفن العالم إلى مكان أفضل.

جمال خلايلة:

اعتقد أنه من المهم ان لا ننجر إلى انماط قديمة. تشكل الاعمال المشتركة أيضاً نافذة لمن لم يكبر في مدينة مختلطة.

يورام هونيغ:

يسألونني لماذا لا ننتج أفلاماً ايجابية؟ هناك في الولايات المتحدة افلام “تحسين الشعور”. فيلم مقدسي مثالي لن يكون صادقاً. ان كان هناك بطل مع دراما قوية، سينجح الفيلم وطرح المشاكل يخلق حواراً. هناك افلام اكثر اليوم تتضمن عناصر مقدسية.

هدار موراغ:

يضم فيلمي عرباً ويهوداً لأنني أعيش هنا. لا يدور الفيلم عن الصراع.

 

סיכום ועריכה: אסיף הוצאה לאור, מרכז כתיבה ועריכה