أمسية الإفتتاح 2015


الافتتاح والتبريكات

ليآت ريجيف: مرحباً بالجميع ومساء الخير. تم تخطيط مؤتمر المدن المختلطة قبل حصول أحداث الأسبوعين الأخيرين في المدن المختلطة والغير مختلطة في اسرائيل. يُبشّر هذ المؤتمر بالأمل والتفاؤل, بسبب الوضع الراهن بشكل خاص.

مؤتمر “مدينة الغد – المعيشة المستقبلية في مدينة مختلطة” هو المؤتمر الثالث من سلسلة مؤتمرات تعمل بما يتعلق بموضوع المعيشة في المدينة المختلطة, يُعقد هذا المؤتمر في القدس بالتعاون ما بين صندوق القدس وكلية آدم. يفحص المؤتمر الحياة في المدن المختلطة في ضوء التغييرات الكثيره التي تحدث في البلاد وفي جميع أنحاء العالم كنتيجة لعمليات اقتصادية وسياسية واجتماعية وتكنولوجية وثقافية وغيرها. تعاظم حركة المهاجرين واللاجئين, والعولمة الإقتصادية, والصراعات القومية وغيرها من الأمور تغيّر الحيّز الحضري بشكال لم نشهده من قبل. تتطلب كل هذه الأمور نقاش عام وجريء, ذلك بالإضافة الى تفكير جديد بما يتعلق بتخطيط المعيشة في المدينة المختلطة. سيتواجد في المؤتمر أخصائيون وباحثون ميدانيون من التخصصات المختلفة التي تُميّز المعيشة في المدينة المختلطة, سيساعد المقيمين على المؤتمر لبناء نظره بعيدة المدى والتي تتيح فرصه لفحص العمليات في الحاضر وللتحضير لها.

6

سنتكلم في وقت لاحق مع الأديبين دوريت ربينيان وأيمن سكسك: كما قاموا بتعريف أنفسهم- جاء أيمن من المدينة المختلطة يافا, جاءت دوريت من المدينة المُعقمة تل أبيب. أتمنى لنا جميعا مساءاً ممتعاً.

أدعو السيد داني نمرن, ممثل عن صندوق القدس, المدير العام وعضو اللجنة الإدارية. يحتفل صندوق القدس هذا العام بمرور 50 عاماً على تأسيسه, عقد هذا المؤتمر هو جزئ من هذا الإحتفال.

السيد داني نمرن, صندوق القدس: الضيوف الأعزاء, يا من جئتم من قريب ومن بعيد ومن خارج البلاد, مساء الخير. بناءا على التعاليم اليهودية, فأنه تم إنزال عشرة إجراءات على العالم, أخذت القدس تسعة منها. كمن وُلِد وترعرع في المدينة, أُوافق على ما نصته التعاليم اليهوديه, لكنني أسمح لنفسي بأن أُضيف على ذلك جملة إضافية: عشرة إجراءات من التعقيدات تم انزالها على العالم, أخذت القدس تسعة منها.

يعيش السكان المقدسيين فترة صعبة. لذلك وبكل أسف, تلقّى هذا المؤتمر تحت عنوانه “المدن المختلطة” أهمية أقل.

يعتبر السكن في القدس كالسكن في مدينة مختلطة ومعقدة. تعيش مجموعات سكانية مختلفة في المدينة, تتميز هذه المجموعات باختلافها عن بعضها البعض: اختلافات ثقافية, واختلافات دينية, واختلافات قومية. تشكل المدن المختلطة تحديا كبيراً للسلطة الحاكمة, بما يشمل الدولة, وللسلطات المحلية, وللبلدية وللسكان المقيمين بها. من الصعب منح كل واحده من هذه المجموعات السكانية الشعور بأن المدينة هي بيتها الخاص كما هي البيت الخاص للمجموعة الأخرى.

   تضع القدس أمامنا تحديات كبيرة. لأن القدس مدينه مليئة بالتوتر, فإنها تضع أمامنا تحدياً يتبلور بمحاولة خلق حياة مشتركة ومنسجمة ومتسامحة ومُحتَرِمة بين المجموعات السكانية المختلفة التي تتكون منها المدينة. إن نجحنا بتحقيق كل هذا في القدس, فإنها ستصبح المدينة الأجمل في العالم, وذلك لأن الفسيفساء البشري الذي تتكون منه المدينة والذي يعيش بها سيحمل الأمل للعالم أجمع.

هذا هو سبب لقاءنا في هذا المؤتمر هذا المساء, هذا المؤتمر الذي بادر به صندوق القدس.

منذ تأسيسه قبل 50 عاماً, وضع صندوق القدس لنفسه هدفاً يتضمن العمل لرفع مستوى التسامح والتفاهم بين المجموعات السكانية في المدينة. نحن نبحث عن أطر مختلفة ومتعددة تهدف الى السماح بالعيش المشترك بين جميع الأطراف التي تتركب منها المدينة, بأقل حد من الصراعات والتوتر. ولكننا من ناحيه أخرى نحاول تقليص الفجوات وتهيئة الخدمات المُعطاة لكل واحدة من المجموعاه السكانية.

على الرغم من الأحداث التي تحصل في الخارج, نحن نؤمن بأن تحقيق التعايش المشترك هو الحل, ولا نتوقف عن تمني ذلك. نحن نُثبت إيماننا هذا بشكل يومي عن طريق العشرات من المشاريع المتعلقة بحياة الآلاف من سكان المدينة: اليهود, والمسلمين, والمسيحيين. نحن نؤمن أيضا بتمكين المجموعات المختلفة بهدف الوصول الى حياة حضرية مشتركة وبهدف تحمل هذه المجموعات مسؤولية نفسها.

المدينة هي نحن, أكثر من ثماني مئة ألف شخص مدموجين سوياً. لا يستطيع أي جزء من السكان أن يعيش بدون الجزء الآخر, يتواجد كل منا في كل مكان, نتلقى الخدمات, ونقوم بالمشتريات, ونستفيد من الخدمات السياحية, والتعليمية, والطبية, وتلك الخاصة بالبلدية, نحن نعيش سويا. يحتاج كل منا للطرف الآخر, على الرغم من الظروف الصعبة التي نمر بها في هذه الأيام, وعلى الرغم من المخاوف التي تُثار عند الجميع في حين توجب الوصول لأي مكان. ستتلاشى هذه الأمور, عيلنا أن نكون متفائلين وستتلاشى هذه الامور خلال عدة أسابيع. الحياة أقوى من أي توتر ومن كل هبّه. مررنا بذلك في الانتفاضات السابقة, كما نمره في هذه الأيام. توُفِّي أبي قبل شهور قليلة, وُلد في البلدة القديمة وكَبِر فيها. إنني فخور بكوني شخص من عائلة تعيش في القدس منذ ثمانية أجيال. الرجوع الى الحي للبحث عن الجذور وعن البيت كان من أول الأمور التي فعلها والدي بعد حرب الستة أيام. انتقل أبي من القدس عام 1948 في سن ال 18.

من بين الأمور الجميلة التي قام بها أبي كان بحثه عن الأصدقاء الذين لعبوا معه كرة القدم – الجيران المسلمين الذين كَبِروا معه في أزقة البلدة القديمة. حافظوا على العلاقة فيما بينهم لسنوات عدة. قمنا بزيارتهم في بيوتهم عندما كنت صغيراً, وهم زارونا في بيوتنا, أكلنا سوياً, كما استمرت علاقتهم الطفولية القوية والصدوقة في البلدة القديمة. إن الحياة أقوى من أي أمر آخر. علينا جميعا أن نفهم بأن علينا أن نعيش معاُ.

أتمنى لو نستطيع سوياً مع المشاركين في المؤتمر أن نخلق مفاهيماً لتساعدنا على إكمال عملنا في المدينة لأجل مستقبل أفضل لنا جميعاً.

أود أن أشكر إنساناً قديراً ساعدنا على عقد هذا المؤتمر للمرة الثالثة, البروفيسور يان فيليب ريمتسمه من ألمانيا, والذي عن طريقه قام صندوق همبورغ  لتشجيع العلم والثقافة بدعم مبادرات متعددة تهدف الى تشجيع التسامح في المدينة. هو أيضا أحد الأفراد الذين حصلوا على وسام تدي بالكنيست من رئيس الكنيست, لهذا الشخص أعمال كثيرة, ويساعد صندوق القدس والسكان المقدسيين كثيرا.

أود أن أشكر شركائنا للمؤتمر, ليئه فاوكي من كلية آدم, ومعهد أورشليم القدس لدراسة إسرائيل, ومشكانوت شأنانيم, بيتنا الذي يستضيفنا هنا, وزملائي في صندوق القدس أودي شبيغل. أتمنى لنا مؤتمراً مثمراً وناجحاً وأيام أكثر هدوءاً. شكرا.

أوكي مروشك-كلارمن, من كلية آدم: مساء الخير للجميع. شكرا جزيلا لداني.

قبل ما يزيد عن العام, بدأ طاقم من صندوق القدس وآخر من كلية آدم بالتحضير للمؤتمر. قررنا هذه المرّة أن نتطرق الى مظهر المدن المختلطة في المستقبل, وذلك بهدف منح هذا المظهر الفرصة للتطور, ذلك بالإضافة الى التفكير بأفكار جديدة وخلاقة للتعامل مع معضلات الحياه في هذه المدن. طمحنا لمنح مساحه للتفكير المتكامل بما يتعلق بالأسئلة التي تثار حول عدة مجالات والتي يتركب منها العيش المشترك: التعليم, والبيئة, والحوسبة, والجيرة والإقصاء. خططنا للمس التجارب الخاصة بالعائلات المختلطة وبالتخطيط الحضري في الحيّز العام الذي هو ملك للجميع. تمنينا أن نصنع من الإنهيار فرصة. وفي أثناء عملنا على تحضير المؤتمر, وجدت بعض المدن الإسرائيلية المختلطة نفسها مجددا بمرحلة دموية من الصراع بين اليهود والفلسطينيين مواطني دولة إسرائيل والمقيمين بها من اللاجئين. الأحداث الصعبة لم تتركنا نحن أيضا, تضمنت هذه الاحداث نداءات جديدة تطالب بالنظر الى المبادئ الأساسية لقدسية الحياة وحقوق الإنسان. الكثير من الناس سألونا إن كنا سنلغي المؤتمر. كان واضحا لنا أن المؤتمر بهذا الوقت هو بمثابة تصريح, المؤتمر في هذا الوقت هو تبرعنا المتواضع للتغيير, التغيير الذي يتطلبه تطوير الحياة الكريمة, والمساواة والمشاركة بين الأفراد والمجموعات في المدن المختلطة.

في الحقيقة, كانت التحضيرات بالنسبة لنا مصدرا للأمل والراحة. المتحدثون الرائعون المشاركون في المؤتمر, والأفكار التي سيأتون بها بهدف تحسين الوضع في المدن المختلطة, جددوا بنا الأمل والإرادة للعمل من جديد.

نأمل أن يستمع الجمهور المتواجد معنا هذا المساء وذلك الذي سيكون معنا في اليومين القادمين الى كل ما سيقال ليفهموا ما به من نداء للتغيير.

أود أن أقدم جزيل الشكر لشركائنا في صندوق القدس, ولإدارة صندوق القدس وللسيد ريمستمه على مساهمته في تنفيذ المؤتمر الثالث.

كما أود أن أشكر لجنة التوجيه الخاصة بالمؤتمر, ولأودي شبيغل, ولليآت ولتالي, وبالطبع لإيران فولك مدير البعثة الألمانية ولألن بريمن نائب رئيس صندوق القدس ولحجاي أجمون من المركز الثقافي.

شكر خاص لضيوفنا من خارج البلاد: السيدة مرينا نوفيتو والسيدة ماري دينر, اللتان قَدِمتا لمشاركتنا بخبرتهن من نيقوسيا المقسمة. لبروفيسور مونطرسكو الذي أتى من المجر لتوسيع معلوماتنا بما يتعلق بالمدن المختلطة في البلاد وفي جميع أنحاء العالم.

لأصدقائنا في معهد القدس لدراسة إسرائيل والذين يرافقونا للسنه الثالثة على التوالي.

للمسؤولات عن الصحافة, لِعَنات فلنبرغ التي تقوم بتنقيح البحث منذ فتره طويلة ولطاقم كلية آدم على عمله الدؤوب.

شكراً جزيلا للجميع. أتمنى للجميع مؤتمرا مفيداّ ومثيراّ للاهتمام.

نقاش

4

الموجهة ليئات ريجيف: يعتبر أيمن السكسك أديب وناقد أدبي. وُلد أيمن في يافا في عائلة كانت حتى عام 1948 من العائلات القوية في المدينة, ويقيم بها حتى الآن. كان في يافا شارع على إسم عائلته حتى قبل عدة سنوات, ذلك بالإضافة الى مسجد السكسك القائم حتى يومنا هذا في المدينة. تعلم أيمن في المدرسة الفرنسية وأتم لقبه الجامعي في الأدب الإنجليزي في مدينة مختلطة أخرى, في القدس. من الممكن ملاحظة الإختلاط بكتاباته. يكتب أيمن باللغه العبرية فقط, تمت ترجمة كتابه الأول “الى يافا” الى اللغة الألمانية والعربية.

وُلدت دوريت ربينيان في كفار سابا في عائله قادمة من إيران. كتبت دوريت “زقاق شجر اللوز من عومريجان” و “فرحنا”, كان الإقبال على شراء هذان الكتابان كبيراً, تم ترجمة هذه الكتب الى 15 لغة في جميع أنحاء العالم. حصلت دوريت على جائزة الأدب الصغير على إسم يتسحاق وتوفا فاينر, وعلى جائزه الإبداع على إسم ليفي أشكول وعلى جائزة أكوم لتشجيع الإبداع. بالإضافة لذلك, كتبت دوريت سيناريو “رَجُل شولي”. اُصدر قبل عام كتابها الثالث “الجدار الحي” والذي حصل على مرتبة الكتاب الذهبي, تم نشره ب 25 ألف نسخة ومنحت لها جائزة برنشتاين. تسكن دوريت في مدينة تصفها ب “المدينة المُعقمة” –, تل أبيب.

أيمن, كيف مرّ الأسبوعان الأخيران بالنسبة لك؟

أيمن: رأت يافا الكثير من التغييرات ومرّت بالعديد من الأحداث في آخر فترة. طرأت في السنوات الاخيرة تغييرات بما يتعلق بمدينة يافا في إسرائيل. أصبحت يافا أكثر عصرية وعقارية ويهودية. لكني أشعر منذ أسبوعين ولأول مره بأنها أصبحت مخيفة بالنسبة لمن هو من خارجها: هناك من يظن بأنها أصبحت مثيرة للقلق بسبب المظاهرة التي حصلت بها. كان الأمر صعبا جدا, لأن يافا بيتي والخوف منها هو الخوف مني, ومن عائلتي ومن الأفراد الذين تربيت معهم.

هل يمكنك أن تصف لنا الأمور التي واجهتها على الصعيد الشخصي في الأسبوعين الأخيرين؟

إنه أمور مشابهه للأمور التي تحدث أثناء كل فتره كهذه, شعور باليأس. شعور بعدم وجود نتيجة لكل الأمور التي نتحدث عنها ونعمل من أجلها مثل التعايش والمشاركة.

2

 

ما معني أن تكون عربياً من سكان يافا في هذان الأسبوعان؟

شعور بالإرداة للخروج كما أنا من يافا كما تُرى.

هل شعرت بأنك مُصنّف تلقائياً مع يافا؟

إني مصنّف بشكل تلقائي كعربي إسرائيلي, تفاقم هذا التصنيف في الأسبوعين الماضيين. إحدى الأمور التي زادت إيماني بأهمية هذا المؤتمر أنه تم اتخاذ القرار السليم بإفتتاحه بأديبين. لأن الأدب هو أحد الأمور القليلة التي تسمح لك بأن تضع نفسك مع القارئ بموضع شخص آخر.

دوريت, هل تل أبيب معقمة؟

دوريت ربينيان, إنها مقولة قضائية, من الأفضل أن نقول متجانسة. هي مدينة من الممكن التنزه بها والشعور بأنك متواجد في مكان آخر غير الشرق الأوسط. مدينة تحافظ على نفسها لنفسها, ليهودها. سأُحاول أن أُكمل السؤال الذي وجهته لأيمن- شعور الخوف المتواجد في الأسبوعين الأخيريين كان نتيجة لما يمكن أن يحصل. تُذكرنا مظاهرة يافا بأكتوبر آخر تفاقمت به المظاهرة لأمر أكبر وأسوأ. التخوف هو أن تنفجر مجدداً القوى التي تحافظ على الواقع اليومي كما هو.

إسم مدينتنا هو “تل أبيب يافا”, الاسم ليس معقما. هل يصنع التقسيم الجغرافي المدينة معقمه؟

دوريت: يتواجد في تل أبيب شيء أبيض وغربي. يظهر منظر المدينة كالفقاعة, وهذا الأمر صحيح. تعيش تل أبيب نفسها لنفسها, بما يشمل حريتها وانغلاقها وتوجهها المتناقض مع الواقع. كمن تسكن في تل أبيب, في كل مره أزور بها القدس بأوقات طبيعية وغير متوترة, أقول لنفسي بأن هناك معجزة تتبلور بمرور عدة أيام من دون حدوث أي مستجدات. يتوجب افتتاح النشرة الإخبارية بالخبر التالي: لم تحدث أي أحداث في القدس اليوم… هناك الكثير من المجموعات السكانية التي تعيش بع بعضها بتلاصق حميم وكثافه عالية وتتواجد بينها خلافات تتعلق بالماضي والمستقبل, لمن تنتمي هذه المدينة, أين يبدأ التاريخ, أسئلة تتعلق بوجود كل مجموعة. تتقسم المدينة الى العديد من الفصائل والأجزاء, ويتوجب الشكر بشكل يومي لعدم انفجار توتر الوعي.

أيمن, لماذا تكتب بالعبرية, هل هذه اللغه التي تربيت عليها في البيت؟

أيمن, إنه قرار باطني, لم أقرر الكتابة باللغة العبرية. تكلمنا في البيت والحي الذي ترعرعت بهما باللغتين العربية والعبرية. لذلك, كان الأمر طبيعيا بالنسبة لي, وهي إحدى تأثيرات العيش في مدينة مختلطة: أن تتحدث اللغتين. لم يكن تعلم العبرية بالنسبة لي عملية خاصة مثل تعلم الإنجليزية. اللغة العبرية طبيعية بالنسبة لي.

كمقيم في يافا, هل الكتابة باللغة العبرية هي نوع من انعكاس لهوية واحده تخص سكان يافا؟

أيمن: كلا. التمثيل هو شيء يخيفني – تمثيل العرب في يافا. لا اعتقد أنه أمر صواب, ولا اعتقد أنه ممكن. إن قمت بمقابلة 5 أفراد من سكان يافا, ستكتشف 18 رأي مختلف على الأقل…

هل تفضل أن تُصنّف كعربي من يافا أو أيمن السكسك من سكان يافا؟

كما التصنيف الأول.

هل هذا هو سبب كتابتك باللغة العبرية؟

أيمن: أكتب بالعبري لأصل لمن لا يفهم العربية. هناك فشل تبلور بتمكين اللغة العبرية وطمس اللغة العربية, حتى في المدارس, تعلم اللغة العربية ليس إلزامي, الأمر مشابة على اللافتات في الشوارع. تم تهميش اللغة العربية.

3

دوريت, لقدت فكرت بمقولتك أن تل أبيب هي مدينة معقمة. يتحدث أيمن عن نوع من الإختلاط. هو يفضل أن يتم تصنيفه كأحد سكان يافا وليس بالضرورة كشخص عربي. هل أنت أيضا توافقين على مبدأ الاختلاط التام بين المجموعتين السكانيتين؟

دوريت, أنا خريجة المؤسسة الصهيونية, لقد استوعبت الرسالة العميقة التي تتواجد في جوهر المفهوم الصهيوني, وهو مفهوم يهودي, مفهوم الإختلاف. لقد وصلنا الى هنا لمعيشة ذات سيادة يهودية بعد ألفي عام من المهجر في بيئات غريبة ومختلفة. حافظنا دائما على مبدأ الإختلاف- فرّقنا بين اليوم المقدس واليوم العادي, بين النهار والليل, بين الحليب واللحمة. تهدف الرسالة من العزلة الى إيصال الحقيقة بأننا منفصلين, مع أننا نعيش بين شعوب أخرى, لكننا منفصلين عنهم, وذلك بهدف منع الإندماج في بيئه ليست يهودية. قمنا بهذا بالحفاظ على أنفسنا, تزوجنا فقط من داخل المجتمع اليهودي وأتينا الى هنا كشعب حافظ على نفسة لنفسة. نتواجد الآن في وسط مجموعه سكانية عربية, تقاسمنا الحياة في المدن المختلطة. السؤال الذي يجب طرحه الآن هو هل من الممكن الإستمرار بهذا العزل؟

هل تؤيدين هذا العزل؟

أنا أؤيد العزل. أن تكون يافوياً يشابة المفهوم الذي كان سائداً قبل القومية. إن قمنا بالتأمل بإسم الكتاب “الجدار الحي”, فهو مبدأ لحسن الجوار. يبدأ الجوار الجيّد بالحدود.

ماذا عن المدن؟

لم أعش قد في مدينة مختلطة, عندما أزور القدس أو حيفا أو حتى اللد والرمله, أجد نفسي معجبة كل مرة من جديد من الحياه المختلطة ومن الإندماج. مع ذلك, أعلم أن هناك حدودا غير مرئية للعين. تتواجد هذه الحدود في الوعي الداخلي في مستوى التعليم, لا يمكنني رؤية هذه الحدود من خلال زيارتي ليوم أو يومين. تتواجد مجموعتان سكانيتان متقاربتان. يروي كتاب “الجدار الحي” قصة مواطنين من الشرق الأوسط يعيشون في نيويورك, إسرائيلية وفلسطيني. يسلط الكتاب الضوء على قصتهم الشخصية, لكنه يعكس مفهوم جماعي.

هل تؤمنين بإحتمالية تحقيق التعايش في داخل مدينة مختلطة؟

دوريت: عندما تم نشر الكتاب, كتب شخص ما على موقع التويتر بأنه تم خلق قصة محمود ومورال بهدف تسويق الكتاب لبيعه… قصة هذا الزوج المختلط ما هي إلا خلط ما بين اليهودي وغيره طلب منا التعليم الصهيوني الإمتناع عنه.

بناءا على الكتاب, هل يستطيعون الحفاظ على الفصل؟

نعم, لأن الجدار الحي موجود في داخل المفاهيم الإسرائيلية. الفتاه هي “طالبه متميزه” لهذا التعليم.

أيمن, ما هو شعورك حول ما تقولة دوريت؟

أيمن, من الصعب سماعه, لكنه مثير للإهتمام. من الصعب التفكير بأن هذا التاريخ الرائع يُبرز الفصل. ما تقولة دوريت يثير التساؤلات عن واقعية كل الكلمات الجميلة التي تتعلق بالتعايش؟

لا يتناقض التعايش مع ما قالته دوريت, لقد ذكرت الفصل فقط.

أيمن: ما يثير الإهتمام أن دوريت لم تتربى ولا تسكن في مدينة مختلطة. من غي الممكن أن تتواجد الحدود في المدينة المختلطة – ليس فقط باللغة, بل في كل مناحي الحياة.

ما رأيكم بالجدار الموجود في القدس؟

دوريت: إنه ليس بأمر سيئ, أن الجدار يحمينا. الحدود بنظري هي الباب الذي يحمينا. من الممكن فتحة وإغلاقة.

أيمن, هل تتقبل الجدار الموجود في القدس؟ 

أيمن, كلا. يتوجب السؤال عن ما يحدث مع من لا يحمية الجدار. الحماية ليست للطرفين, ليس هذا ما على الجدار فعله. كمن ترعرع في يافا, كل تجربة لوضع الحدود كانت تهدف للفشل. فهو يقسمنا داخليا.

يستطيع العرب واليهود أن يعيشوا سوياً, ولكن, هل سيتواجد في مكان ما في الوعي شيئا ليفرقهم؟

أيمن: بحسب رأيي, هذا لا يهم. لطالما نستطيع أن نعيش سويا, بغض النظر إن كان ذلك في المدرسة أم في العمل, من غير المهم إن كان هناك أمر ما في الوعي.

ولكن تم بناء جدار في الخارج.

أيمن: أنا ضد هذا الجدار. الحدود لا تحمينا. يوجد لدينا جدار واحد مشهور, وهي لم تخلق جيران جيدين.

دوريت: أنني أعتبر نفسي جزءاً من معسكر السلام, أنا أطلب أن نسأل بصراحة: هل ذلك صحيح أن بالعقل الباطني الإسرائيلي لا توجد إرادة شديدة للسلام فقط, بل أن هناك خوفا منه أيضا؟ هل هناك حاجة الى الفصل عن الحيّز الذي ينبع من الخوف من الإندماج؟ هل من الممكن أن القومية الإسرائيليه تعلم أن بقائها على الأنقاض هو يعني أن تعيش حياه يهودية تفصلها عن الحيّز العربي؟

أريد أن تكون قطعة الأرضه هذه ملكاَ لي ويهودية. الصهيونيه في نظري هي أن تؤمن أن يتم الحفاظ على أغلبية يهودية ديموقراطية بداخل حدود ال 1967. السلام يعني الإعتراف والشعور مع الغير, الإنسجام. الحيّز الذي نعيش به يُصبح أكثر تطرفا, ومن الممكن أن تكون إنسانياً محبأ لبلدك.

أيمن, قلت لي أن يافا لم تعد يافا العربية. كيف يمكن ترجمة ذلك على أرض الواقع؟

أيمن: تقترب الينا عمارات تل ابيب, عمارات جديدة وجميلة. عندما ترعرعت في يافا, استطاع من تزوج وأسس عائلة أن يشتري شقة, كان هؤلاء من المواطنين العرب. أما اليوم, لا يستطيع الأشخاص الذين تعلمت معهم شراء شقة, فيُجبرون على الخروج من يافا لأنها غالية جداً, ولأنها عصرية أكثر من اللازم, من غير الممكن البقاء بها.

ما رأيك عن الإندماج؟

لا أخاف الإندماج, فهو بنظري الحل الوحيد. من الصحيح أن هناك قوة في الإنفصال, لكن وبرأيي هناك قوة أعظم في الإندماج. لكن الإندماج يخيف الكثير من الناس, من العرب أيضا. ذكرت دوريت أكتوبراً أخراً, من عام 2000. وُجِد بعده عند الشبيبة العرب الإسرائيليين دافعاً بالإنتماء الى الفلسطينيين ومع هدفهم. بنظري, إسرائيل سببت هذا الأمر: الممارسات الإسرائيلية في الضفه الغربية. السياسة المتبعه ضد العرب في إسرائيل دفعوا أيضا العرب أمثالي الى الشعور بالإنتماء مع القومية والتاريخ الفلسطيني.

دوريت, يتحدث أيمن عن الوعي المنفصل وعن الحقيقه بأن الشعور بالإنتماء هو تجاه الفلسطينيين من حولنا.

دوريت: برأيي, من الممكن أن نعيش حياة مجموعتين سكانيتين مختلطتين في الحيز مثل ما يحدث في يافا, من دون أن تخسر أي واحدة منها ذاتها. تخوفي ينبع من الطموح لدوله ثنائية القومية, لأني اخاف من الإندماج ومن ضياع الذات.

سننتقل للكتب. ما هي خلفية كتابك “الجدار الحي”؟

دوريت: عشت كبطلة الكتاب في نيويورك, وتعرفت على مجموعة من الأشخاص من الشرق الأوسط. كانت تلك هي المرة الأولى التي شعرت بها بحاجة الى أن أجرب الإقتراب من الفلسطينيين, كان سبب ذلك أننا كنا في مكان غريب, بعيدين عن أرض الصراع. تكلمنا اللغة الإنجليزية, لا يوجد شخص مُحتل وآخر تحت الإحتلال, تواجد شعور بالانتماء العالمي. كان شعورا رائعا بالحرية. شعرت للمرة الأولى أنني أريد أن أرسم بيدي صورة شخصية لنفسي. من الممكن عمل ذلك بعدة طرق: عن طريق معنى الوطن, عن طريق تجربة الهجرة, عن طريق تجربة الغربة, عن طريق عدم الإنتماء. تبينت لي وبشكل مفاجئ أمورا عن المفاهيم الضمنية, عن الحيّز الذي أنتمي اليه.

السؤال الرئيسي في الأدب هو من أنا, هذا ما يسمى دراسة الهوية. هناك شعورا جيدا عند التقاء الفلسطينيين والإسرائيليين بعيداّ عن هذا المكان. الشعور بالقرب من أشخاص ترعرعوا بحيّز مشترك ويشبهون بعضهم البعض. كيف نعرف الأشخاص الذين ترعرعوا معنا بنفس الحيّز؟ هنالك أمرا ما أثار مشاعري في هذا الحوار. تم عكس هذا اللقاء في الكتاب ليكون قصة غرامية بين إسرائيلية وفلسطيني. تتمثل قمة القصة في تل أبيب يافا, على الشاطئ الفاصل ما بين المدينتين – مانترا رير. لكني أود أن أذكر أنني لم أهدف الى كتابة قصة غرامية. قمت بكتابة القصة الغرامية بهدف خلق معارضه لفكرة قصة غرامية كهذه.

هل كان الإندماج هاجسك؟

دوريت: تنبع الكثير من قراراتنا من الخوف, ومن الحواجز, ومن الإمتناع. أردت أن أشرح حاجز الخوف, أن أشرح قصة حب غير ممكنة, يجب أن يكون في مثل هذه القصص من يؤمن بها. يؤمن الرجل الفلسطيني حلمي بهذه القصة. هو الشخصية الحالمة, وهو الفنان, وهو العالمي, هو ذاك الشخص الذي يحلم بالدولة ثنائية القومية, والإسرائيلية هي البخيلة التي تتعامل مع نفسها بصعوبة.

أيمن, إروي لنا من فضلك خلفية قصتك, يوجد به أيضا قصة غرامية.

أيمن: نَمَت القصه من لوائح قمت بكتابتها في عام 2005, أصبحت يافا في تلك الفترة مثيرة للإهتمام وأراد الناس أن يعرفوا ما يحدث بها. في كتابي أيضا هناك قصة غرامية ما بين إسرائيلية وعربي من سكان المدينة. أنا أيضا لم أهدف الى كتابة قصة غرامية, وذلك مع الحقيقه بأن كل كتاباتي هي قصص غرامية… ينبع تعاملي مع البطل من السؤال من انا. إنه سؤال صعب, وفي هذه الحالة, يدور الحديث عن بطلي اليافاوي, للإجابة عن هذا السؤال, يتوجب عليك الإعتراف بالإندماج, وبأن تكون منقسماً, وبأن تكون مختلطاً. يشبه هذا أن تكون أنت بنفسك مدينة مختلطة… إنه مشهد داخلي مختلط.

كلما اقتحم اليهود المساحة العربية أكثر, كلما كتبت أكثر عن نفسك كعربي؟

أيمن: نعم. يتواجد في يافا مسرح يهودي عربي, عرض هذا المسرح عروضاً قصيرة باللغه العبرية فقط. لكن, تتواجد به في السنوات الأخيره العديد من المجموعات التي تعلّم اللغه العربية لسكان يافا العرب, وذلك لأنه تم تسيان اللغه العربية. يُعلّمون اللغه العربية للعرب, يعلمونهم اللغه العربية العامية والفصحى.

دوريت, أين وُلِدت؟

دوريت, بكفار سابا. سكنت في برلين وفي نيويورك أيضا. سكنت عاما آخرا في القدس, في شارع شمرياهو لفين في كريات هيوفيل, وكتبت هناك كتابي “الفارسي”, في حين كانت القاطره من أوشفيتز هي ما أراه من شباك بيتي كل صباح…

ليآت, للتلخيص: لم أسكن أبدا في مدينة مختلطة ولم ألتقي مع العرب. لا يحتاج هذا المؤتمر من يسكن في مدينة مختلطة. أولئك الأشخاص الذين يسكنون في المدن المختلطة يشعرون بالتهديد من قبل الهوية العربية. المعيشه في القدس ليست سهلة, وأتمنى لها أن تبقى مدينة متنوعة من دون أن يسبب هذا التنوع أي تعقيدات.

أسئلة الجمهور: لماذا في الروايتين البطل الرجل عربي, والمرأه البطلة يهودية؟ برأيي, ينبع هذا من أن للعربي حرية الإختيار إن أراد أن يتزوج يهودية, لا نعتبر ذلك كتنازل. ولكن وبهدف التعايش الحقيقي, كنت أود أن أقرأ قصة معكوسة, قصة فتاه عربية تتزوج شاب يهودي.

دوريت: أمتنع أن أربط القصة التي كتبتها بالسرد الخاص بالإحتلال, وأعتقد أن عرض الأبطال بهذا الشكل هو بسبب التقاليد التي يوجد بها هذا التزاوج بهذه الطريقة.

أيمن: لم أُكرس أي تفكير لسبب أن البطل عربي وليست عربية. نحن نرسم صور شخصية لأنفسنا, لذلك, كان لي من الأسهل أن أكتب عن بطل عربي. في الواقع, أنا أعرف رجال عرب تزوجوا بنساء يهوديات.

سؤال أخير, أيمن: لقد ترعرعت في يافا, وتعلمت في القدس. هل هي تجربة مماثله؟5 

أيمن: كلا. بغض النظر عن أن من وُلِد بجانب البحر سيبقى دائما بجاب البحر. على الرغم من أن يافا والقدس هم مدينتين مختلطتين, فإن التجربة ليست مماثلة. كان من الصعب علي أن أشعر كما في بيتي في القدس, على الرغم من ان المجموعتين السكانيتين هنا في القدس دافئتين جدا. أنا أيضا أتمنى أن تبقى القدس مدينة متنوعة من دون أن يسبب بها هذا التنوع أي تعقيدات.

بما يتعلق بإسمي: كان في الماضي شارع بإسم السكسك ومسجدا بهذا الإسم. أطلق المسلمون أسماء العائلات على أنفسهم بناءا على مهنهم, السكسك هي عائلة من رعاة الغنم. المعنى الحرفي لكلمة أيمن هو الجانب الأيمن الذي يعتبره المسلمين رمزا للطهارة الإلهية.

ليآت: شكراً جزلاً لكما, اتأمل أنكم تشعرون في بيتكم.

 

تلخيص المحاضره وتنقيحها: אסיף הוצאה לאור ומרכז כתיבה ועריכה

تمت ترجمة هذه المحاضرة للغه العربيه لدى: العربيه للإستشارات